ولاَزِمُ
هَذِهِ المَقَالَةِ أنْ يكُونَ ترْكُ النَّاسِ بلاَ رِسَالَةٍ خَيْرًا لَهُمْ في
أصْلِ دِينِهِمْ؛ لأَنَّ مَردَّهُم قَبْلَ الرِّسَالَةِ وبَعْدَها وَاحِدٌ،
وإنَّما الرِّسالَة زَادَتهم عَمًى وضَلاَلاً.
****
مذْهَبِهم البَاطِل، وهَذَا ليْسَ خَاصًا في بَابِ الأسْمَاءِ والصِّفَاتِ،
بَلْ هُوَ عَامُّ في كلِّ مذَاهِبِهم البَاطِلَة؛ لأنَّه يلْزَم عَلَيْه أنَّ
اللهَ لَمْ يخَاطِب الخَلْقَ بلِسَانٍ عرَبِيٍّ مُبِينٍ؛ كمَا قَالَ تعَالَى عَنِ
القُرْآنِ أنَّه بلِسَانٍ عرَبِيٍّ مُبِينٍ.
فهَؤُلاَءِ جعَلُوا القُرآنَ بمَثَابَةِ الألْغَازِ، يقُولُونَ: ليْسَ هُو
عَلَى ظَاهِرِه، ولَهُ تَفسِيرٌ خَفيٌّ، تفْسِيرٌ لا يَعْثُر عَلَيْه إلاَّ
الحذَّاقُ مِنَ النَّاسِ، فجَعَلُوا القُرآنَ كأنَّه ألْغَاز، واللهُ سبحانه
وتعالى جعَلَهُ بَيَانًا للنَّاسِ وهُدًى ورَحْمَة وشِفَاء، هُم يقُولُونَ:
القُرآنُ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، القُرْآنُ لَهُ مَعْنى لا يَغُوصُ عَلَيْه إلاَّ
الحُذَّاقُ مِنَ النَّاسِ، وقَدْ كَذبُوا في هَذَا، فالقُرْآنُ -وللهِ الحَمْدُ-
وَاضِحٌ ومُيَسَّرٌ:﴿وَلَقَدۡ
يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ﴾[القمر: 17]،
يسْتَفِيدُ مِنْه العَامِّيُّ والمُتعَلِّم والعَالِم، كلُّ مَنْ سَمِعَ القُرآنَ
اسْتَفَادَ عَلَى قَدْرِ مَا آتَاهُ اللهُ، فالقُرْآنُ وَاضِحٌ وللهِ الحَمْدُ.
لَوْ كَانَتِ العُقُول كافِيَة والأفْكَار كافِيَة، مَا احْتَاجَ النَّاسُ إلى رِسَالَة، بَلْ إنَّ الرِّسَالَة زَادَتْهُم بَلْبَلَة؛ لأَنَّها ليْسَتْ عَلَى ظَاهِرِهَا، إنَّمَا جَاءَت بألْغَازٍ وأحَاجٍ وتدْلِيسٍ، فلَوْ سَلمُوا مِنْها، لكَانَ أحْسَن؛ لأنَّ مَردَّهم قَبْلَ الرِّسَالَة وبَعْدَها وَاحِد؛ وَهُو العُقُول، إذَنْ فلَيْسُوا بحَاجَةٍ إلَى الرِّسَالَة؛ لأنَّ الرِّسَالَة عمَّتْ عَلَيْهم الأمُورُ تَعْمِيَة، وأضَلَّتْهم؛ لأَنَّها جَاءَت بِمَا يخَالِفُ العُقُولَ -بزَعْمِهِمْ- فهِيَ ضَلاَلٌ.
الصفحة 7 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد