وبالاضْطِرَارِ
يعْلَمُ كلُّ عَاقِل أنَّ مَنْ دَلَّ الخَلْقَ عَلَى أنَّ اللهَ ليْسَ عَلَى العَرْش،
ولاَ فَوْقَ السَّمَاواتِ، ونَحْو ذَلِكَ بقَوْلِه: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ لقَدْ أبْعَدَ النَّجْعَة،
وَهُو إمَّا مُلْغِز، أو مُدَلِّس، لَمْ يخَاطِبْهُم بلِسَانٍ عرَبِيٍّ مُبينٍ.
****
التَّشْبِيه، فنَحْنُ نثْبِتُها
عَلَى وَجْهٍ يَلِيقُ بجَلاَلِ اللهِ، فلَيْسَت الأسْمَاء كالأسْمَاءِ، ولاَ
الصِّفَات كالصِّفَات، فنَحْنُ عمِلْنَا بالأدِلَّةِ كُلِّهَا، ولَمْ نَأخُذْ
ببَعْضٍ دُونَ بَعْض كمَا فعَلْتُم.
أي: مَن اسْتَدلَّ عَلَى نَفْي العلوِّ لله عَلَى مخْلوقَاتِه، ونَفْي
اسْتِوَاء اللهِ عَلَى عَرْشِه أخْذًا مِن قَوْلِه تَعالَى:﴿هَلۡ تَعۡلَمُ لَهُۥ
سَمِيّٗا﴾أنَّ هَذَا قَد أبْعَدَ الاسْتِدْلالَ؛ لأنَّ الآيَةَ
لاَ تدلُّ عَلَى نَفْي الاسْتِوَاء ونَفْي العلوِّ، وإنَّما تَنْفِي المُشَابَهة
والمُماثَلَة، ولا تَنْفِي علوَّ الله عَلَى مَخلُوقَاتِه علوًّا يَلِيقُ بهِ،
واسْتِوَاءَه عَلَى عَرْشِه اسْتِوَاء يَلِيقُ بِه، وإثْبَاتُ الوَجْه للهِ
واليَدَيْن وصِفَات الذَّاتِ وصِفَات الأفْعَال، فَلا تَدلُّ الآيَةُ عَلَى نَفْي
هَذِهِ الصِّفَات الَّتي ثَبَتَتْ للهِ جَلَّ وعَلاَ.
فَهُم -كَمَا سَبَقَ- أخَذُوا جَانِبَ النَّفْي، وتَرَكُوا جَانِبَ الإثْبَات كعَادَة أهْلِ الضَّلاَل دَائِمًا، يؤمِنُونَ ببَعْضِ الكِتَاب، ويكْفُرونَ ببَعْضٍ، يأخُذُونَ ما يَصْلُح لهُمْ، ويتْرُكُونَ مَا يخَالِفُ رَأيَهُم، بلْ إنَّ أهْلَ الضَّلالِ في الأحَادِيثِ النَّبويَّة يأخُذُونَ مَا يَصْلُحُ لرَأْيِهم، ولَوْ كَانَ حَدِيثًا مَوضُوعًا أو ضَعِيفًا، ويَتركُونَ الأحَادِيثَ الصَّحِيحَة الَّتي تُخَالِف قَوْلَهم، ويُؤوِّلُونَها، ويُفسِّرونَها بغَيْر تفْسِيرِهَا، ويَلوُونَ أعْنَاقَها؛ حتَّى تَخضَعَ لقَوْلِهِم، هَذِهِ عَادَة أهْلِ الضَّلاَلِ دَائِمًا وأبَدًا، فيَجِبُ الحَذَر مِنْهُم ومِنْ
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد