×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

لكِن اعْتَقدُوا الَّذي تَقتَضِيه مقَايِيسُكُم، أو اعْتَقدُوا كَذَا وكَذَا فإنَّه الحَقُّ، ومَا خَالَف ظَاهِره فَلاَ تَعتَقدُوا ظَاهِرَه، وانْظُرُوا فِيهَا فَمَا وَافَقَ قيَاسَ عقُولِكُم فاعْتَقدُوه، ومَا لاَ فتَوقَّفُوا فِيهِ وانْفُوهُ.

ثُمَّ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم قدْ أخْبرَنَا بأنَّ أمَّته ستَفْتَرِق ثلاَثًا وسَبْعينَ فِرقَة، فقَدْ عَلِمَ مَا سَيَكُون.

****

 أيْ: لَمْ يَقُل اللهُ اعتَقدُوا مَا تدُلُّ عَلَيْه عقُولُكم، ومَا يُوافِقُ عَقلِيَّاتِكُم، والمَقَاييسُ العَقْليَّة: الَّتي هِيَ عِلمُ المَنطِق والجَدَلِ والكَلاَمِ.

ولَمْ يَقُل الله: ومَا خَالَف مَا أنْتُم عَلَيْه مِن العُلُومِ العقلِيَّةِ لا تعْتقِدُوه عَلَى ظَاهِرِه، بَلْ أوِّلُوه عَنْ ظَاهِرِهِ.

هَذِهِ طَرِيقَتُهُم: إنْ وَافَقَ القُرآنُ عُقُولَهم قبلُوهُ، ومَا خَالَف عقُولَهُم، فإنَّهُم لاَ يعْمَلُونَ بِه، وإنَّمَا يَعْمَلُون بعُقُولِهِم، وأمَّا القُرْآنُ فيُؤَوِّلُونَه عَنْ ظَاهِرِه، أو يُفَوِّضُونَ مَعْنَاهُ، فهُم: إمَّا مُؤوِّلَة، وإمَّا مُفَوِّضَة، هَذِهِ طَرِيقَةُ الخَلَف، ويقُولُون؛ إنَّها أعْلَمُ وأحْكَمُ مِنْ طَرِيقَة السَّلَفِ.

الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أخْبَرَ عمَّا يحْدُث في المُستَقْبَل؛ لأنَّ اللهَ أطْلَعَه عَلَى ذَلِكَ مِنْ أجْلِ مصْلَحَة البَشَرِ، قَالَ تَعالَى:﴿ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيۡءٖ مِّنۡ عِلۡمِهِۦٓ إِلَّا بِمَا شَآءَۚ [البقرة: 255]﴿عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ فَلَا يُظۡهِرُ عَلَىٰ غَيۡبِهِۦٓ أَحَدًا ٢٦ إِلَّا مَنِ ٱرۡتَضَىٰ مِن رَّسُولٖ فَإِنَّهُۥ يَسۡلُكُ مِنۢ بَيۡنِ يَدَيۡهِ وَمِنۡ خَلۡفِهِۦ رَصَدٗا ٢٧ [الجن: 26- 27]، فاللهُ يُطْلِعُ الرَّسُولَ عَلَى شَيْء مِنَ الغَيْبِ: المَاضِي والمُسْتَقْبَل؛ مِنْ أجْلِ أنْ يُعَلِّمَ النَّاسَ مَصَالِحَهُم ودِينَهُم، والرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم أخْبرَنَا عَن المُسْتَقْبَلِ: أنَّه سَيَكُونُ هنَاكَ اختِلاَفٌ في هَذِهِ الأمَّةِ،


الشرح