×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

 فَانْطَلَى عَلَيْه هَذَا المَذْهُب، ولكِنَّ اللهَ قَيَّضَ الإمَامَ أحْمَدَ رحمه الله فثَبَتَ، واقْتَدَى النَّاسُ بِهِ، وصَبَرَ عَلَى السِّجْنِ والضَّرْبِ والمِحْنَةِ، ثمَّ لمَّا مَاتَ المَأْمُونُ خَلَفَه أخُوهُ المُعْتَصِم، وسَارَ عَلَى نَفْسِ خَطِّ المَأْمُونِ، ووَاصَلَ المِحْنَة، وضَرَبَ الإمَامَ أحْمَدَ، وسَجَنَه ثمَّ جَاءَ عَهْد الوَاثِق ([1])، مِنْ بَعْدِ المُعْتَصِم ([2])، ثَلاَثَةُ خُلَفَاء كُلُّهُم عَلَى هَذَا المِنْوَالِ، والإِمَامُ أحْمَدُ رحمه الله ثَابِتٌ لاَ يتَضَعْضَعُ، والنَّاسُ ينْظُرُونَ إلَيْهِ مَاذَا يقُولُ؟ فكَانُوا يضْرِبُونَه؛ ليقُولَ بخَلْقِ القُرآنِ، وَهُو يقُولُ: هَاتُوا لِي دَلِيلاً مِنْ كِتَابِ اللهِ أو مِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ، القُرْآنُ مُنَزَّلٌ غَيرُ مَخْلوقٍ. ثمَّ إنَّ اللهَ أَذِنَ بالفَرَجِ، فمَاتَ الوَاثِقُ، ويُقَالُ: إنَّه رَجَعَ في آخِرِ أيَّامِهِ، واللهُ أعْلَمُ، لكِنْ مَاتَ، وجَاءَ بعْدَهُ المتَوَكِّلُ ابنُ المعْتَصِمِ ([3])، فنَاصَرَ السُّنَّة، ورَفَعَ المِحْنَةَ، وكَرَّمَ الإمَامَ أحْمَدَ، فعِنْدَ ذَلِكَ انتَصَرَ الحَقُّ عَلَى يَدِ المُتَوكِّلِ رحمه الله، وقرَّبَ


الشرح

([1])الواثق هو: الواثق بالله هارون بن محمد بن هارون أبو جعفر، بويع يوم وفاة المعتصم سنة 227 هـ وَهُو ابن سبع وثلاثين سنة وتسعة أشهر، وتوفى بسامراء سنة 232 هـ، وكانت خلافته لخمس سنين وتسعة أشهر وثلاثة عشر يوما، وكَانَ ممن امتحن الإمام أحمد، انظر: مروج الذهب (3/ 477)، سير أعلام النبلاء (10/ 306)، وتاريخ بغداد (64 - 15).

([2])المعتصم هو: محمد بن الرشيد هارون العباسي أبو إسحاق. ولد سنة 180 هـ، امتحن الناس بخلق القرآن ودام ذَلِكَ حتَّى أزاله المتوكل. مات سنة 227. انظر: سير أعلام النبلاء (10/ 290) والشذرات (2/ 63، 64).

([3])هو: أبو الفَضْل جعفَرُ بن المعتصم بالله بن الرَّشِيد هارون بن المهدي بن المنصور القرشي العبَّاسي البغدادي، وُلِدَ سنة خمس ومائتين، وبويع عند موت أخيه الواثق في ذي الحجة سنة اثنين وثلاثين، وتوفي سنة سبع وأربعين ومائتين انظر: « تاريخ بغداد » (7/ 165، 172) و« البداية والنهاية » (10/ 310 وما بعدها).