وعِنْدَنا مِنَ الدَّلاَئِل
السَّمْعيَّة والعَقْليَّة مَا لا يتَّسِعُ هَذَا المَوْضُوعُ لذِكْرِه.
وأَنَا أعْلَم أنَّ المتَكَلِّمِينَ لهُمْ شُبُهاتٌ مَوجُودَة، لكِن
لاَ يُمكِن ذِكْرُها في الفَتْوى، فمَنْ نَظَر فِيهَا وأرَادَ إبَانَة مَا
ذَكَرُوه مِنَ الشُّبْهَةِ فإنَّه يَسِيرُ.
وإذَا كَانَ أصْلُ هَذِهِ المَقَالَة -مقَالَة التَّعْطِيل
والتَّأْوِيل- مَأخُوذًا عَن تَلامِذَة المُشْرِكِينَ، والصَّابِئِينَ، واليَهُود.
****
الدَّلاَئِلُ
السَّمعِيَّة هِيَ: النُّصُوصُ الوَارِدَة في الكِتَابِ والسُّنَّة.
والدَّلاَئِلُ العَقْلِيَّة هِيَ: البرَاهِينُ الَّتي
يثْبِتُها العَقْل الصَّرِيحُ المَذْكُورَة في القُرْآنِ الكَرِيمِ، كَمَا في
قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ
لَعِبۡرَةٗ لِّأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾ [النور: 44]، و [آل عمران:
13]، ﴿فَٱعۡتَبِرُواْ يَٰٓأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾[الحشر: 2]، ﴿أَفَلَا تَعۡقِلُونَ﴾[الأنعام: 32]، ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [يونس: 3]، ﴿قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِۖ
إِن كُنتُمۡ تَعۡقِلُونَ﴾ [آل عمران: 118]، ولَيْسَ المُرَادُ بِهَا عِلْم
الكَلاَمِ والمَنْطِق الَّتي يعْتَمِد عَلَيْها الجَهْمِيَّة والمُعْتَزِلَة.
يَعْتَذِرُ عَنْ ذِكْر كُلِّ شُبُهاتِ المُتَكلِّمِينَ مَعَ الرَّدِّ
عَلَيْهَا؛ لأنَّ الفَتْوى مُحَدَّدة، وهِيَ جَوَاب عَن سُؤَال فقَطْ، ومَنْ
أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى بقِيَّة الشُّبُهَات، فهُو مَوجُود فِي الكُتُبِ
المُطَوَّلة لَهُ ولغَيْرِه، فلْيُرَاجِعْهَا.
سَبَقَ بيَانُ أنَّ الجَهْمَ أخَذَهَا عَنِ الجَعْدِ، والجَعْد أخَذَهَا عَنْ أبَانِ بْنِ سَمْعَانَ، وأبَانُ أخَذَهَا عَنْ طَالُوت، وطَالُوت أخَذَهَا عَنْ لبيدِ بنِ الأَعْصَم، اليَهُودِي الَّذي سَحَر النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأصْلُ مقَالَةِ الجَهْمِيَّة ومَنْ تَفرَّع عَنْهُم مِن المُعْتَزِلَة والأشَاعِرَة وغَيْرهم مَأخُوذَة عَنْ دِينِ المَجُوسِ
الصفحة 6 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد