ومَعلُومٌ
أنَّ المُتكلِّم والفَاعل إذَا كملَ علْمُهُ وقُدرَتُه وإرَادَتُه كملَ كلامُهُ
وفِعلُه.
وإنَّمَا يَدْخُل النَّقْصُ إمَّا مِنْ نَقْصِ علْمِهِ، وإمَّا مِنْ
عجزِهِ عنْ بيَانِ علْمِه، وإمَّا لعدَمِ إرَادَتِه البيَان. والرسول صلى الله
عليه وسلم هُوَ الغَايَة فِي كمَالِ العلْم، والغَايَة فِي كمَالِ إرَادَة
البلاَغِ المُبينِ، والغَايَة فِي القُدْرَة علَى البلاَغِ المُبينِ.
ومَع وُجودِ القْدرَة التَّامَّة، والإرَادَة الجازِمَة يَجب وجودُ
المُرَاد، فعلِمَ قَطْعا أنَّ مَا بيَّنَه مِنْ أمْرِ الإِيمَانِ باللهِ واليَوْمِ
الآخِرِ حَصَلَ بهِ مُرادُه مِنَ البيَانِ.
****
إذَا تكامَلَت هَذِهِ الصِّفَاتُ
فِي غَيْر الرسول كملَ علْمُه وبيَانُه وقُدْرَتُه، فكيْفَ بالرسول صلى الله عليه
وسلم الَّذِي أرْسلَه اللهُ، وحَمَّلَه الرِّسالَة، وأمَرَه بالبلاَغِ، أنْ
يُبلِّغَ النَّاس مَا أُنْزِلَ إلَيْه؟ كيْف يَتْرُك باب الأَسمَاء والصِّفَاتِ
دُونَ أنْ يُبيِّنَهُ، حَتَّى يَأتِي هَؤلاَءِ، ويُبيِّنُونَهَا للنَّاس،
ويقُولُونَ: إنَّ المُرَادَ بهَا كذَا، ولَيْستْ علَى ظَاهِرِهَا؟!
هَذِهِ هِيَ النَّتِيجة مِنْ تَكامُل هَذِهِ الصِّفَاتِ فِي الرسول صلى الله عليه وسلم، وهِيَ القَطْع بأنَّه بيَّن للنَّاس كلَّ مَا يحْتَاجونَ إلَيْه، وفِي مقَدِّمَة ذَلِك أنَّه بيَّن للنَّاس أَسمَاء اللهِ وصِفَاتِه علَى وَجه لاَ لَبس فِيهِ ولاَ غمُوضَ.
الصفحة 2 / 226
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد