×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

فقَالُوا لَهُم: نَحْنُ نَعلَمُ بالاضْطِرَارِ أنَّ الرُّسلَ جاءَت بمَعادِ الأبدَانِ، وقَدْ علِمْنَا الشُّبه المَانِعة مِنْه.

وأهْلُ السنَّة يقُولُونَ لهَؤلاَءِ: ونَحْنُ نَعلَمُ بالاضْطِرَارِ أنَّ الرُّسلَ جاءَت بإثْباتِ الصِّفَات، ونُصُوصُ الصِّفَاتِ فِي الكتُب الإلَهِيَّة أكثَرُ وأعظَمُ مِن نُصُوصِ المَعادِ.

****

 أيْ: قَالَتِ الباطنيَّة للمُعتَزِلَة: الرُّسل جاءُوا بإثْباتِ البعث، وجاءُوا أيضًا بإثْباتِ الأَسمَاءِ والصِّفَاتِ، وأنْتُم أوَّلْتُم الأَسمَاءَ والصِّفَاتِ، ونَحْن أوَّلْنَا أدِلَّة البعثِ لشُبهٍ مَانِعةٍ مِنْ إثْباتِه، كمَا أوَّلْتُم أنْتُم الأَسمَاء والصِّفَات لشُبهٍ مَانِعةٍ مِنْ إثْباتِهَا.

أيْ: قَالَ أهْلُ السنَّة للمُعتَزِلَة: إذَا كانَ البعث والنُّشُور حقًّا، وأنْتُم تردُّونَ علَى الفَلاسفَةِ قَولَهُم بأنَّ البعثَ والنُّشُورَ لَيْس بحَقِيقَة، وإنْ كانَ جاءَ فِي القُرآنِ ذِكرُه، فلمَاذَا أنْتُم تُؤَوِّلُون الأَسمَاء والصِّفَات، وتقُولُونَ: إنَّها ليْستْ بحَقِيقَة؟ وتقُولُونَ: مذْهَبهُم باطِل، ومذْهَبكم صَحِيح. فأهْلُ السنَّة والجمَاعة ردُّوا علَى الطَّائِفَتَيْن: علَى أهْلِ التَّخْيِيل، وأهْلِ التَّأْوِيل، وقَالُوا: كلاكمَا ضَالٌّ عنِ الحَقِّ؛ لأنَّكم لاَ تَستَدِلُّون بكلاَمِ اللهِ وكلاَمِ رسوله، وإنَّمَا تَستَدِلُّونَ بأشْيَاء وضَعتُمُوهَا مِنْ عنْدِكم وقَوَانِين قنَّنتموها، وكلاَكمَا قَولُه باطِل، والصَّوَاب مَا علَيْه أهْلُ السنَّة والجمَاعة. فإذَا فَسدَ مذْهَب الفَلاسفَة فِي تَأوِيلِ البعثِ، فَسدَ مذْهَب المُؤَوِّلَة فِي الأَسمَاء والصِّفَات مِنْ باب أوْلَى.

نُصُوصُ الصِّفَات فِي الكتُب الإلَهِيَّة: التَّورَاة، والإنْجيل، والقُرْآن، والكتُب المُنَزَّلَة، أكثَر مِنْ ذِكر البعثِ والجنَّة والنَّار، ولمَاذَا تغَلِّظُونَ علَى أهْلِ التَّخْيِيل فِي نَفْي المَعاد، وأنْتُم ترْتَكبون مَا هُوَ أشَدُّ مِنْه وأكثَر مِنْه ذِكرًا فِي القُرْآن وفِي الكتُب وَهُوَ الأَسمَاءُ والصِّفَاتُ؟!


الشرح