×
اَلتَّعْلِيقَاتُ اَلتَّوْضِيحِيَّةُ عَلَى مُقَدِّمَةِ اَلْفَتْوَى اَلْحَمَوِيَّةِ

فكيْف وكانُوا إذَا ذَكرُوا بيْنَ يدَيْه الصِّفَات يضْحَك تعجبا مِنْهُم وتصْدِيقًا ([1])؟ ولَم يُعبهُم قطُّ بمَا تَعيب النُّفَاة لأهْلِ الإثْباتِ، مِثْل لَفْظ التَّجسيم والتَّشْبيه ونَحْو ذَلِك.

بلْ عابهُم بقَوْلِهم ﴿يَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ [المائدة: 64]، وقَوْلُهم: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٞ وَنَحۡنُ أَغۡنِيَآءُۘ [آل عمران: 181]، وقَوْلُهم: استَرَاح لمَّا خَلَقَ السمَواتِ والأرْضَ، فقَالَ تَعالَى: ﴿وَلَقَدۡ خَلَقۡنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٖ [ق: 38].

****

 الرسول صلى الله عليه وسلم لَم يَعب اليَهُودَ فِي إثْباتِهم الأَسمَاء والصِّفَات مثْلَمَا تَعيب الجهْمِيَّة والمُعتَزِلة أهْلَ السنَّة فِي إثْبات الأَسمَاء والصِّفَات. ولَم يَقُل لليَهُود: أنْتُم مُجسمَة تصِفُونَ اللهَ بأنَّ لَهُ يَمِينًا يَقبضُ بهَا السمَواتِ والأرْض ﴿وَٱلۡأَرۡضُ جَمِيعٗا قَبۡضَتُهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ [الزمر: 67]، ولَمْ يَقُل أنْتُم مُجسمَة، فدَلَّ علَى أنَّهَا حَقٌّ.

هُوَ أقَرَّهُم بأنَّ اللهَ لَهُ يَدٌ، لكن عابهُم علَى قَولِهِم: ﴿يَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ، وعابهُم علَى قَوْلِهم: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٞ وَنَحۡنُ أَغۡنِيَآءُۘ [آل عمران: 181]، يَعنِي: إنَّ اللهَ يَطلُب مِنَّا الصَّدقَة، يقُولُ لنَا: تصَدَّقُوا، فدَلَّ علَى أنَّ اللهَ فَقِيرٌ ونَحْنُ أغْنِيَاء، هَذَا يُريدُونَ بهِ تكذِيب الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلاَّ فَهُم يَعلَمُون أنَّ اللهَ غَنِيٌّ، ويعلَمُونَ أنَّ اللهَ أمَرَ بالزَّكاةِ والصَّدَقَةِ،


الشرح

([1])يعني: حديث الحبر من اليهود الَّذِي جَاءَ إِلىَ النبي صلى الله عليه وسلم فذكر أن الله يمسك السموات عَلَى إصبع والأرضين عَلَى إصبع والجبال عَلَى إصبع... إِلىَ آخر الحديث، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديقًا له، وقرأ قوله تَعَالَى: ﴿وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦ [الزمر: 67] أخرجه: البخاري من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.