×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ - كَمَا يَسْأَلُهُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنْ يَشْفَعَ لَهُمْ، وَكَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَتَوَسَّلُونَ بِشَفَاعَتِهِ فِي الاِسْتِسْقَاءِ وَغَيْرِهِ؛ مِثْلُ تَوَسُّلِ الأَْعْمَى بِدُعَائِهِ حَتَّى رَدَّ اللَّهُ عَلَيْه بَصَرَهُ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ ([1])، فَهَذَا نَوْعٌ ثَالِثٌ هُوَ َمِنْ بَابِ قَبُولِ اللَّهِ دُعَاءَهُ وَشَفَاعَتَهُ لِكَرَامَتِهِ عليه، فَمَنْ شَفَعَ لَهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم وَدَعَا لَهُ فَهُوَ بِخِلاَفِ مَنْ لَمْ يَدْعُ لَهُ وَلاَ يَشْفَعْ به.

****

الشرح

قوله: «فَهَذَا نَوْعٌ ثَالِثٌ» من أنواع الوسيلة، وهو: طلب الدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته، ومن غيره من الصالحين، فتطلب أن يدعو الله لك، أو يدعو للمسلمين، هذا من أنواع الوسيلة المشروعة، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله لهم بالمطر، وجاءه أعمي وطلب منه أن يدعو برد بصره عليه، فدعا الرسولُ صلى الله عليه وسلم ربه؛ فَرَدَّ اللهُ عليه بصرَه. هذا توسل بدعاء الصالحين، وهو مشروع، سواء كان الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من أتباعه.

قوله: «بَابِ قَبُولِ اللَّهِ دُعَاءَهُ وَشَفَاعَتَهُ لِكَرَامَتِهِ عَلَيْهِ»، هذا طلب الدعاء من الصالحين، وهو من باب الشفاعة عند الله بدعائهم للمحتاجين، وهذا أمر مشروع؛ لكنه في حق الأحياء لا في حق الأموات، فالأموات لا يُطْلب منهم دعاء، بل هم بحاجةٍ إلى أن يدعى لهم، فكيف يُطْلب منهم أن يدعوا للأحياء؟! هذا من الانتكاس والعياذ بالله، والدعاء عبادة وعمل، والميت إذا مات انقطع عملُه،


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3578)، وابن ماجه رقم (1385)، وأحمد رقم (17240)، والحاكم رقم (1180).