وَأَمَّا الْحَافِظُ أَبُو
الْعَلاَءِ وَأَمْثَالُهُ فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِالْمَوْضُوعِ الْمُخْتَلَقَ
الْمَصْنُوعَ الَّذِي تَعَمَّدَ صَاحِبُهُ الْكَذِبَ، وَالْكَذِبُ كَانَ قَلِيلاً
فِي السَّلَفِ.
أمَّا
الصَّحَابَةُ فَلَمْ يُعْرَفْ فِيهِمْ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - مَنْ تَعَمَّدَ
الْكَذِبَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، كَمَا لَمْ يُعْرَفْ فِيهِمْ مَنْ
كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ الْمَعْرُوفَةِ؛ كَبِدَعِ الْخَوَارِجِ،
وَالرَّافِضَةِ، وَالْقَدَرِيَّةِ وَالْمُرْجِئَةِ، فَلَمْ يُعْرَفْ فِيهِمْ
أَحَدٌ مِنْ هَؤُلاَءِ الْفِرَقِ. وَلاَ كَانَ فِيهِمْ مَنْ قَالَ: إنَّهُ أَتَاهُ
الْخَضِرُ ! فَإِنَّ خَضِرَ مُوسَى مَاتَ، كَمَا بُيِّنَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا
الْمَوْضِعِ.
وَالْخَضِرُ
الَّذِي يَأْتِي كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ إنَّمَا هُوَ جِنِّيٌّ تَصَوَّرَ
بِصُورَةِ إنْسِيٍّ، أَوْ إنْسِيٌّ كَذَّابٌ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَلَكًا
مَعَ قَوْلِهِ: أَنَا الْخَضِرُ! فَإِنَّ الْمَلَكَ لاَ يَكْذِبُ؛ وَإِنَّمَا
يَكْذِبُ الْجِنِّيُّ وَالإِْنْسِيُّ.
وَأَنَا أَعْرَفُ
مِمَّنْ أَتَاهُ الْخَضِرُ وَكَانَ جِنِّيًّا مِمَّا يَطُولُ ذِكْرُهُ فِي هَذَا
الْمَوْضِعِ.
وَكَانَ
الصَّحَابَةُ أَعْلَمَ مِنْ أَنْ يَرُوجَ عليهمْ هَذَا التَّلْبِيسُ. وَكَذَلِكَ
لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ حَمَلَتْهُ الْجِنُّ إلَى مَكَّةَ وَذَهَبَتْ بِهِ إلَى
عَرَفَاتٍ لِيَقِفَ بِهَا، كَمَا فَعَلَتْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ مِنَ الْجُهَّالِ
وَالْعُبَّادِ وَغَيْرِهِمْ، وَلاَ كَانَ فِيهِمْ مَنْ تَسْرِقُ الْجِنُّ
أَمْوَالَ النَّاسِ وَطَعَامَهُمْ وَتَأْتِيهِ بِهِ، فَيَظُنُّ أَنَّ هَذَا مِنْ
بَابِ الْكَرَامَاتِ، كَمَا قَدْ بُسِطَ الْكَلاَمُ عَلَى ذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ.
وَأَمَّا
التَّابِعُونَ فَلَمْ يُعْرَفْ تَعَمُّدُ الْكَذِبِ فِي التَّابِعِينَ مِنْ أَهْلِ
مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالشَّامِ وَالْبَصْرَةِ؛ بِخِلاَفِ الشِّيعَةِ فَإِنَّ
الْكَذِبَ مَعْرُوفٌ فِيهِمْ، وَقَدْ عُرِفَ الْكَذِبُ بَعْدَ هَؤُلاَءِ فِي
طَوَائِفَ.
****
الشرح
قوله: «وَأَمَّا الْحَافِظُ أَبُو الْعَلاَءِ
وَأَمْثَالُهُ فَإِنَّمَا يُرِيدُونَ بِالْمَوْضُوعِ الْمُخْتَلَقَ الْمَصْنُوعَ
الَّذِي تَعَمَّدَ صَاحِبُهُ الْكَذِبَ، وَالْكَذِبُ كَانَ قَلِيلاً فِي السَّلَفِ».
الصفحة 5 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد