قُلْت: هَذَانِ
الْحَدِيثَانِ اللَّذَانِ أَنْكَرَهُمَا ابْنُ عَدِيٍّ عَلَيْهِ: رَوَاهُمَا عَنْ
رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَلِكَ هَذَا الْحَدِيثُ حَدِيثُ الأَْعْمَى رَوَاهُ
عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ
وَهْبٍ أَيْضًا كَمَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنَاهُ، لَكِنَّهُ لَمْ يُتْقِنْ لَفْظَهُ
كَمَا أَتْقَنَهُ ابْنَاهُ. وَهَذَا يُصَحِّحُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ
فَعُلِمَ أَنَّهُ مَحْفُوظٌ عَنْهُ.
وَابْنُ عَدِيٍّ
أَحَالَ الْغَلَطَ عَلَيْهِ لاَ عَلَى ابْنِ وَهْبٍ، وَهَذَا صَحِيحٌ إنْ كَانَ
قَدْ غَلَّطَ، وَإِذَا كَانَ قَدْ غَلَّطَ عَلَى رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي
ذَيْنِك الْحَدِيثَيْنِ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ غَلَّطَ عَلَيْهِ فِي هَذَا
الْحَدِيثِ.
وَرَوْحُ بْنُ
الْقَاسِمِ ثِقَةٌ مَشْهُورٌ رَوَى لَهُ الْجَمَاعَةُ، فَلِهَذَا لَمْ يُحِيلُوا
الْغَلَطَ عَلَيْهِ، وَالرَّجُلُ قَدْ يَكُونُ حَافِظًا لِمَا يَرْوِيهِ عَنْ
شَيْخٍ؛ غَيْرَ حَافِظٍ لِمَا يَرْوِيهِ عَنْ آخَرَ: مِثْل إسْمَاعِيلَ بْنِ
عَيَّاشٍ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنِ الْحِجَازِيِّينَ؛ فَإِنَّهُ يَغْلَطُ فِيهِ؛ بِخِلاَفِ
مَا يَرْوِيهِ عَنِ الشَّامِيِّينَ. وَمِثْلُ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ فِيمَا
يَرْوِيهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ
هَذَا يَغْلَطُ فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ - إنْ كَانَ
الأَْمْرُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَدِيٍّ - وَهَذَا مَحَلُّ نَظَرٍ.
****
الشرح
هذا البحث كله في أسانيد قصة الأعمى الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وطلب منه الدعاء، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم، فرد الله عليه بصره، وأن هذا ليس من التوسل بذات النبي، وإنما هو من التوسل بدعائه صلى الله عليه وسلم وشفاعته، وهنا لا إشكال في سنده، ولا إشكال -أيضًا - في متنه ودلالته، بل هو يمشي على الأصول، وإنما الغرابة في قصة عثمان بن حنيف في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو أنه أمر الرجل أن يعمل مثل ما عمل الأعرابي الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حياته، فأمره أن يعمل ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته لا يُطلب منه لا استغفار ولا دعاء، فهذا محل الغرابة.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد