×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 قُلْتُ: والطَّبَرَانِيُّ ذَكَرَ تَفَرُّدَهُ بِمَبْلَغِ عِلْمِهِ وَلَمْ تَبْلُغْهُ رِوَايَةُ رَوْحِ ابْنِ عبادةَ عَنْ شُعْبَةَ، وَذَلِكَ إسْنَادٌ صَحِيحٌ يُبَيِّنُ أَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ.

وَطَرِيقُ ابْنِ وَهْبٍ هَذِهِ تُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَرِّرْ لَفْظَ الرِّوَايَةِ كَمَا حَرَّرَهَا ابْنَاهُ؛ بَلْ ذَكَرَ فِيهَا أَنَّ الأَْعْمَى دَعَا بِمِثْلِ مَا ذَكَرَهُ عُثْمَانُ بْنُ حَنِيفٍ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ فِي حَدِيثِ الأَْعْمَى أَنَّهُ قَالَ: «اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ وَشَفِّعْنِي فِيهِ» أَوْ قَالَ: «فِي نَفْسِي»، وَهَذِهِ لَمْ يَذْكُرْهَا ابْنُ وَهْبٍ فِي رِوَايَتِهِ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ حَدَّثَ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ حِفْظِهِ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ فَلَمْ يُتْقِنِ الرِّوَايَةَ.

وَقَدْ رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي خَيْثَمةَ فِي تَارِيخِهِ حَدِيثَ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فَقَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الخطميُّ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَنِيفٍ: أَنَّ رَجُلاً أَعْمَى أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنِّي أُصِبْتُ فِي بَصَرِي فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: «اذْهَبْ فَتَوَضَّأْ وَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إلَيْكَ بِنَبِيِّي مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ أَسْتَشْفِعُ بِكَ عَلَى رَبِّي فِي رَدِّ بَصَرِي، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي وَشَفِّعْ نَبِيِّي فِي رَدِّ بَصَرِي، وَإِنْ كَانَتْ حَاجَة فَافْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ»، فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ بَصَرَهُ.

قَالَ ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: وَأَبُو جَعْفَرٍ هَذَا - الَّذِي حَدَّثَ عَنْهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ - اسْمُهُ عُمَيْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَهُوَ أَبُو جَعْفَرٍ الَّذِي يَرْوِي عَنْهُ شُعْبَةُ. ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ.

قُلْتُ: وَهَذِهِ الطَّرِيقُ فِيهَا: «فَشَفِّعْنِي فِي نَفْسِي» مِثْلُ طَرِيقِ رَوْحِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَفِيهَا زِيَادَةٌ أُخْرَى وَهِيَ قَوْلُهُ: «وَإِنْ كَانَتْ حَاجَةٌ فَافْعَلْ مِثْلَ ذَلِكَ» أَوْ قَالَ: فَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ.


الشرح