النبي صلى الله عليه وسلم
عليها فضل وضوئه وكأنه يسقيها، فهذا من باب العادات، ولم يفعله النبي صلى الله
عليه وسلم تشريعًا للأمة، مثل: الجلوس، والقيام، والمشي، والأكل، والنوم، كل هذا
من العادات لا تدخل في التشريع، لكن من شدة حرص ابن عمر رضي الله عنه على الاقتداء
والاتباع كان يصل إلى هذا الحد، وهذا لا شك أنه مبالغة لم يفعلها أكثر الصحابة رضي
الله عنهم، فلم يكونوا إذا سافروا لا ينزلون إلا في المنازل التي نزل فيها الرسول
صلى الله عليه وسلم، ولا كانوا يتوضئون إلا في المكان الذي توضأ فيه الرسول، وإنما
يعتبرون هذا من باب العادة، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يقصده، وإنما وقع منه
اتفاقًا.
قوله: «وَلَمْ يَفْعَلْهُ أَكَابِرُ
الصَّحَابَةِ...» مَنْ هم أجل مِن ابن عمر رضي الله عنه لم يكونوا يفعلون هذا؛
أبوه عُمر، وقبله أبو بكر الصديق، وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأكابر
الصحابة رضي الله عنهم ما كانوا يفعلون هذا، فهذا شيءٌ انفرد به ابنُ عُمر
اجتهادًا منه، فلا يوافق عليه.
وهذا فيه ردٌّ على
الخرافيين الذين يقولون: أحيوا آثار الرسول صلى الله عليه وسلم، كل منزل ينزل فيه
الرسول ابنوا عليه من أجل أن يعرف ويُتبرك به، ثم في النهاية يُعْبَد مِن دون
الله، كما حصل للأمم السابقة مع آثار أنبيائها، فكلام الشيخ رحمه الله فيه رد على
الخرافيين أن فعل ابن عمر رضي الله عنه اجتهاد منه لا يُستدل على المشروعية؛ لأنه
مخالف للأدلة، ومخالف لفعل أكابر الصحابة رضي الله عنهم الذين هم أَجَلّ من ابن
عمر؛ كأبيه، وأبي بكر، وعثمان، وعلي، والمهاجرين، والأنصار، ومعاذ بن جبل وابن
مسعود، رضي الله عنهم.
قوله: «لَمْ يَفْعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلَ ابْنُ
عُمَرَ، وَلَوْ رَأَوْهُ مُسْتَحَبًّا لَفَعَلُوهُ كَمَا كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ
مُتَابَعَتَهُ وَالاِقْتِدَاءَ بِهِ». هؤلاء علماء الصحابة رضي الله عنهم لم
يكونوا يفعلون هذا.
الصفحة 10 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد