وَكَذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ
كَانَ يَتَحَرَّى أَنْ يَسِيرَ مَوَاضِعَ سَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
وَيَنْزِلَ مَوَاضِعَ مَنْزِلِهِ ([1])، وَيَتَوَضَّأَ فِي
السَّفَرِ حَيْثُ رَآهُ يَتَوَضَّأُ، وَيَصُبَّ فَضْلَ مَائِهِ عَلَى شَجَرَةٍ
صَبَّ عَلَيْه وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا اسْتَحَبَّهُ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ
وَرَأَوْهُ مُسْتَحَبًّا، وَلَمْ يَسْتَحِبَّ ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ؛
كَمَا لَمْ يَسْتَحِبَّهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ أَكَابِرُ الصَّحَابَةِ كَأَبِي
بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَمُعَاذِ بْنِ
جَبَلٍ وَغَيْرِهِمْ، لَمْ يَفْعَلُوا مِثْلَ مَا فَعَلَ ابْنُ عُمَرَ، وَلَوْ
رَأَوْهُ مُسْتَحَبًّا لَفَعَلُوهُ كَمَا كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ مُتَابَعَتَهُ
وَالاِقْتِدَاءَ بِهِ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُتَابَعَةَ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَ مَا
فَعَلَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي فَعَلَ، فَإِذَا فَعَلَ فِعْلاً عَلَى وَجْهِ
الْعِبَادَةِ شَرَعَ لَنَا أَنْ نَفْعَلَهُ عَلَى وَجْهِ الْعِبَادَةِ، وَإِذَا
قَصَدَ تَخْصِيصَ مَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ بِالْعِبَادَةِ خَصَّصْنَاهُ بِذَلِكَ،
كَمَا كَانَ يَقْصِدُ أَنْ يَطُوفَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَأَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ
الأَْسْوَدَ، وَأَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْمَقَامِ، وَكَانَ يَتَحَرَّى الصَّلاَةَ
عِنْدَ أُسْطُوَانَةِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ، وَقَصَدَ الصُّعُودَ عَلَى الصَّفَا
وَالْمَرْوَةِ وَالدُّعَاءَ وَالذِّكْرَ هُنَاكَ، وَكَذَلِكَ عَرَفَةُ
وَمُزْدَلِفَةُ وَغَيْرُهُمَا.
****
الشرح
قوله: «وَكَذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ كَانَ يَتَحَرَّى أَنْ يَسِيرَ مَوَاضِعَ سَيْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَيَنْزِلَ مَوَاضِعَ مَنْزِلِهِ، وَيَتَوَضَّأَ فِي السَّفَرِ حَيْثُ رَآهُ يَتَوَضَّأُ، وَيَصُبَّ فَضْلَ مَائِهِ عَلَى شَجَرَةٍ صَبَّ عَلَيْهَ». ابن عمر رضي الله عنه لحرصه على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ما يفعله النبي صلى الله عليه وسلم من باب العادة والاتفاق؛ لا من باب العبادة، كان ينزل في منازل النبي صلى الله عليه وسلم في البر إذا سافر، وكان يتوضأ في المكان الذي كان يتوضأ فيه النبي صلى الله عليه وسلم؛ حتى أنه صبَّ الماء على الشجرة كما صب
([1]) أخرجه: البخاري رقم (483).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد