×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 عاشوراء ويومًا قبله ويوم بعده، وعشر ذي الحجة، فهذه أزمنة خصها النبي صلى الله عليه وسلم للعبادة. أمَّا أن نخصص أزمنة للعبادة لم يخصصها الرسولُ صلى الله عليه وسلم فلا يجوز هذا.

قوله: «كَمَا كَانَ يَقْصِدُ أَنْ يَطُوفَ حَوْلَ الْكَعْبَةِ، وَأَنْ يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ الأَْسْوَدَ». هذه قصدها عبادة، واستلم الحجر قبله، فنحن نستلم الحجر ونقبِّله، واستلم الركن اليماني، فنحن نستلمه، ولم يستلم الركنين الشاميين، فنحن لا نستلمهما، بل نقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم فقط، فما فعله من باب العبادة فعلناه اقتداءً به صلى الله عليه وسلم.

قوله: «وَأَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْمَقَامِ»، يذهب إلى مقام إبراهيم ويجعله بينه وبين الكعبة ويصلي بعد الطواف؛ عملاً بقوله تعالى: ﴿ا وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ مُصَلّٗىۖ [البقرة: 125].

قوله: «وَكَانَ يَتَحَرَّى الصَّلاَةَ عِنْدَ أُسْطُوَانَةِ مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ»؛ عمود في مسجد المدينة كان صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عنده، فهذا خصه الرسول بالعبادة، فنحن نقتدي به فيه.

قوله: «وَقَصَدَ الصُّعُودَ عَلَى الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَالدُّعَاءَ وَالذِّكْرَ هُنَاكَ»، لما سعى بين الصفا والمروة صار يصعد على الصفا والمروة، فصعوده عليهما عبادة، ولكن صعوده صلى الله عليه وسلم إذا صعد على جبل غيرهما، فليس عبادة.

قوله: «وَكَذَلِكَ عَرَفَةُ وَمُزْدَلِفَةُ وَغَيْرُهُمَا»، كذلك وقف بعرفة، وبمزدلفة ومنى، ونزل فيها، فنحن نقتدي به لأنه قال: «لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ؛ فَإِنِّي لاَ أَدْرِي لَعَلِّي لاَ أَحُجَّ بَعْدَ حَجَّتِي هَذِه» ([1]).


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (1297).