وسائغ أن تطلب من العبد
الصالح أن يدعو الله لك بالشفاء، أو برد بصرك، أو بغير ذلك، فإن باب الدعاء مفتوح،
والتوسل بدعاء الصالحين مشروع، بشرط أن يكون الداعي حيًّا حاضرًا قادرًا على
الدعاء.
قوله: «فَإِنَّهُ إنَّمَا أَمَرَ الأَْعْمَى أَنْ
يَتَوَسَّلَ إلَى اللَّهِ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَدُعَائِهِ
لاَ بِذَاتِهِ». لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم طلب منه أن يدعو له، فأمره
النبي صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ ويصلي، ويدعو الله، ويقول: «اللهم شفع في نبيك محمد صلى الله عليه وسلم
»، وهذا توسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا بذاته.
قوله: «وَإِذَا قُدِّرَ أَنَّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ
أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يَتَوَسَّلَ بِذَاتِهِ لاَ بِشَفَاعَتِهِ، وَلَمْ يَأْمُرْ
بِالدُّعَاءِ الْمَشْرُوعِ بَلْ بِبَعْضِهِ، وَتَرَكَ سَائِرَهُ الْمُتَضَمِّنَ
لِلتَّوَسُّلِ بِشَفَاعَتِهِ؛ كَانَ مَا فَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ هُوَ الْمُوَافِقَ
لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ الْمُخَالِفُ لِعُمَرِ
مَحْجُوجًا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم »، إذا ثبت أن بعض
الصحابة رضي الله عنهم كعثمان بن حنيف رضي الله عنه أمر بالتوسل بالنبي صلى الله
عليه وسلم بعد موته، فعمر رضي الله عنه خالفه في ذلك، وتوسل بدعاء العباس رضي الله
عنه، وكذلك معاوية رضي الله عنه توسل بدعاء الجرشي؛ لأنهما أحياء، ورسول الله صلى
الله عليه وسلم ميت، فالحجة فيما فعله عمر رضي الله عنه؛ لأنه هو الموافق للسُّنة،
وما قال به عثمان بن حنيف وغيره مخالف للسنة. فإذا قيل: هذا قول صحابي، فكذلك عمر
صحابي، بل هو أجل الصحابة رضي الله عنهم بعد أبي بكر رضي الله عنه، وقول الصحابي
إذا خالفه غيره فليس بحجةٍ.
قوله: «وَكَانَ الْمُخَالِفُ لِعُمَرِ مَحْجُوجًا
بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ الْحَدِيثُ الَّذِي
رَوَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُجَّةً عَلَيْهِ لاَ لَهُ، وَاللَّهُ
تعالى أَعْلَمُ»؛ لأن فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم أمره أن يدعو الله أن
يشفع فيه رسوله، وهذا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم.
***
الصفحة 4 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد