×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

قوله: «حَتَّى لَوْ حَلَفَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ»، لا يجوز الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم ولا بغيره؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» ([1]). هذا عام في كل محلوف به غير الله سبحانه وتعالى، فيشمل النبي صلى الله عليه وسلم وغيره؛ لأن الحلف بالشيء تعظيم له، والتعظيم إنما يكون لله سبحانه وتعالى.

قوله: «حَتَّى لَوْ حَلَفَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَمْ تَنْعَقِدْ يَمِينُهُ». لو كان الحلف بين الناس بعضهم على بعض لا يجوز، فكذلك الحلف على الله بمخلوق من خلقه لا يجوز من باب أولى.

قوله: «وَأَمَّا السُّؤَالُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إقْسَامٍ بِهِ»، كأن يجعله واسطة، يقول: أنا ما حلفت، ولكن أجعله واسطة بيني وبين الله في قضاء حاجتي، هذا أيضًا أقل من الحلف، لكنه لا يجوز؛ لأنه لا دليل عليه.

قوله: «فَهَذَا أَيْضًا مِمَّا مَنَعَ مِنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَالسُّنَنُ الصَّحِيحَةُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ»، لا يجوز سؤال الله بمخلوقٍ من باب التوسل به إلى الله سبحانه وتعالى، والتوسل إلى الله بالمخلوق ينقسم إلى قسمين:

النوع الأول: أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة لهذه الوسيلة، فهذا المخلوق الذي توسل به يصرف له شيئًا من أنواع العبادة، كما يفعله القبوريون، وكما كان في الجاهلية أنهم يتوسلون بالملائكة، والأولياء، والصالحين، ويتقربون إليهم بأنواع العبادات، فهذا شرك أكبر يخرج من الملة؛ قال تعالى: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ قُلۡ أَتُنَبِّ‍ُٔونَ ٱللَّهَ بِمَا لَا يَعۡلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ سُبۡحَٰنَهُۥ وَتَعَٰلَىٰ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [يونس: 18]، فسماه شركًا،


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (3251)، والترمذي رقم (1535)، وأحمد رقم (6072).