×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَأَصْلُ هَذَا الْبَابِ أَنْ يُقَالَ: الإِْقْسَامُ عَلَى اللَّهِ بِشَيْءِ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، أَوِ السُّؤَالُ لَهُ بِهِ، إمَّا أَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِهِ إيجَابًا أَوِ اسْتِحْبَابًا أَوْ مَنْهِيًّا عَنْهُ نَهْيَ تَحْرِيمٍ أَوْ كَرَاهَةٍ، أَوْ مُبَاحًا لاَ مَأْمُورًا بِهِ وَلاَ مَنْهِيًّا عَنْهُ.

وَإِذَا قِيلَ: إنَّ ذَلِكَ مَأْمُورٌ بِهِ أَوْ مُبَاحٌ، فَإِمَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْن مَخْلُوقٍ وَمَخْلُوقٍ، أَوْ يُقَالَ: بَلْ يَشْرَعُ بِالْمَخْلُوقَاتِ الْمُعَظَّمَةِ أَوْ بِبَعْضِهَا. فَمَنْ قَالَ: إنَّ هَذَا مَأْمُورٌ بِهِ أَوْ مُبَاحٌ فِي الْمَخْلُوقَاتِ جَمِيعِهَا: لَزِمَ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ تعالى بِشَيَاطِينِ الإِْنْسِ وَالْجِنِّ، فَهَذَا لاَ يَقُولُهُ مُسْلِمٌ.

فَإِنْ قَالَ: بَلْ يَسْأَلُ بِالْمَخْلُوقَاتِ الْمُعَظَّمَةِ كَالْمَخْلُوقَاتِ الَّتِي أَقْسَمَ بِهَا فِي كِتَابِهِ، لَزِمَ مِنْ هَذَا أَنْ يَسْأَلَ بِاللَّيْلِ إذَا يَغْشَى، وَالنَّهَارِ إذَا تَجَلَّى، وَالذَّكَرِ وَالأُْنْثَى، ﴿وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا ١وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا ٢وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا ٣وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰهَا ٤وَٱلسَّمَآءِ وَمَا بَنَىٰهَا ٥وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا طَحَىٰهَا ٦وَنَفۡسٖ وَمَا سَوَّىٰهَا ٧ [الشمس: 1، 7].

فَيَسْأَلَ اللَّهَ تعالى وَيُقْسِمَ عَلَيْهِ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ، وَاللَّيْلِ إذَا عَسْعَسَ وَالصُّبْحِ إذَا تَنَفَّسَ، وَيَسْأَلَ بِالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا فَالْحَامِلاَتِ وِقْرًا فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا، وَيَسْأَلَ بِالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ، وَيَسْأَلَ وَيُقْسِمَ عَلَيْهِ بِالصَّافَّاتِ صَفًّا وَسَائِرِ مَا أَقْسَمَ اللَّهُ بِهِ فِي كِتَابِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُقْسِمُ بِمَا يُقْسِمُ بِهِ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ؛ لأَِنَّهَا آيَاتُهُ وَمَخْلُوقَاتُهُ، فَهِيَ دَلِيلٌ عَلَى رُبُوبِيَّتِهِ وَأُلُوهِيَّتِهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَعِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ وَمَشِيئَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَعَظْمَتِهِ وَعِزَّتِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ يُقْسِمُ بِهَا؛ لأَِنَّ إقْسَامَهُ بِهَا تَعْظِيمٌ لَهُ سُبْحَانَهُ، وَنَحْنُ الْمَخْلُوقُونَ لَيْسَ لَنَا أَنْ نُقْسِمَ بِهَا بِالنَّصِّ وَالإِْجْمَاعِ.

بَلْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ الإِْجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُقْسَمُ بِشَيْءٍ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَذَكَرُوا إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، بَلْ ذَلِكَ شِرْكٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ. وَمَنْ سَأَلَ


الشرح