قوله: «وَرِوَايَةُ
مَنْ رَوَى فِي هَذَا: «لاَ يَرْقُونَ» ضَعِيفَةٌ غَلَطٌ». رواية «لا يرقون» ضعيفة؛ لأن الرسول صلى الله
عليه وسلم ثبت عنه أنه يرقي، وأذن بالرقية، فهذه الرواية من ناحية المعنى ضعيفة،
وإن صح سندها؛ لأنها في صحيح مسلم، لكن يحصل وَهْم أحيانًا، فهذه من الوهم،
والصواب: «لاَ يَسْتَرْقُونَ»، وليس «لا يرقون». وأيضًا: من ناحية المعنى فإن
الرقية دعاء، وترك الدعاء ليس من العبادة، بل الله أمر بالدعاء، فهم لا يتركون
الدعاء لأنفسهم بالشفاء، ويدعون لغيرهم الدعاء مطلوب، وهو عبادة، فقوله: «لا يرقون» ليس بصحيحٍ؛ بل يرقون ويدعون
لأنفسهم بالرقية ويدعون لغيرهم، وهذه عبادة لله عز وجل، وفيه نفع. إنما طريقة
المتصوفة هم الذين لا يدعون، ويتقربون إلى الله بترك الدعاء، وهذا باطل، ويزعمون
أنهم متوكلون، وأنهم ليسوا بحاجة إلى الدعاء، فهذا غلط واضح.
قوله: «فَهَذَا مِمَّا يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ
أَمْرِهِ لأُِمَّتِهِ بِالدُّعَاءِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ بَابِ سُؤَالِ
الْمَخْلُوقِ لِلْمَخْلُوقِ الَّذِي غَيْرُهُ أَفْضَلُ مِنْهُ». فلا يسترقون:
هذا لحاجة الناس، أما لا يرقون: فهذه حاجة إلى الله سبحانه، فأنت ترقي بمعنى أنك
تدعو الله لك أو لغيرك، ففرق بين «لا
يرقون» و«لا يسترقون». فتركه طلب
الرقية أحسن، أمَّا أنهم لا يرقون أنفسهم أو غيرهم فلا يجوز للإنسان أن يترك
الدعاء ويقول: أنا متوكل على الله، بل يدعو مع التوكل، قال تعالى: ﴿فَٱعۡبُدۡهُ وَتَوَكَّلۡ
عَلَيۡهِۚ﴾ [هود: 123]، والدعاء أعظم أنواع العبادة.
قوله: «فَإِنَّ مَنْ لاَ يَسْأَلُ النَّاسَ - بَلْ لاَ يَسْأَلُ إلاَّ اللَّهَ - أَفْضَلُ مِمَّنْ يَسْأَلُ النَّاسَ». مَن لا يسأل الناس أفضل من الذي يسأل الناس، وإن كان سؤال الناس في الأمور المباحة جائزًا، إلا أن تركه أحسن.
الصفحة 5 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد