كحاله في حياته، فهذا من أضل الناس؛ لأن هناك فرق بين الحياة والموت، ففي
حياته صلى الله عليه وسلم كان يقضي بين الناس، ويَؤُمُّ الناس في صلاة الجماعة،
وكان يغزو ويجاهد، وكان يفتي ويعلم الناس، أمَّا بعد موته انقطع هذا كله، فدل على
الفرق بين الحياة والموت، وأن الميت لا يطلب منه شيء، إنما يطلب له ويدعى له
ويستغفر له.
قوله: «بَلْ هُوَ خَيْرٌ بِلاَ شَرٍّ، وَلَيْسَ فِي
ذَلِكَ مَحْذُورٌ وَلاَ مَفْسَدَةٌ، فَإِنَّ أَحَدًا مِنَ الأَْنْبِيَاءِ لَمْ
يُعْبَدْ فِي حَيَاتِهِ بِحُضُورِهِ». الأنبياء الذين عبدهم من عبدهم،
كالنصارى الذين عبدوا المسيح عليه السلام، واليهود الذين عبدوا عزيرًا، إنما
عبدوهم بعد موتهم، وهكذا سائر العلماء والصالحين لا يشرك بهم وهم أحياء؛ لأنهم
ينهون عن ذلك، ويجاهدون من فعله، وإنما عبدوهم بعد موتهم، ولهذا إذا قال الله جل
وعلا للمسيح عليه السلام: ﴿ءَأَنتَ
قُلۡتَ لِلنَّاسِ ٱتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَٰهَيۡنِ مِن دُونِ ٱللَّهِۖ قَالَ
سُبۡحَٰنَكَ مَا يَكُونُ لِيٓ أَنۡ أَقُولَ مَا لَيۡسَ لِي بِحَقٍّۚ إِن كُنتُ
قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ﴾، فالله لا يسأل عيسى على أنه يجهل هذا، وإنما يريد
تقرير هذا الأمر، قال: ﴿إِن كُنتُ
قُلۡتُهُۥ فَقَدۡ عَلِمۡتَهُۥۚ تَعۡلَمُ مَا فِي نَفۡسِي وَلَآ أَعۡلَمُ مَا فِي
نَفۡسِكَۚ إِنَّكَ أَنتَ عَلَّٰمُ ٱلۡغُيُوبِ﴾ [المائدة: 116]. ثم
قال: ﴿مَا قُلۡتُ لَهُمۡ إِلَّا
مَآ أَمَرۡتَنِي بِهِۦٓ أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمۡۚ وَكُنتُ
عَلَيۡهِمۡ شَهِيدٗا مَّا دُمۡتُ فِيهِمۡۖ فَلَمَّا تَوَفَّيۡتَنِي كُنتَ أَنتَ ٱلرَّقِيبَ
عَلَيۡهِمۡۚ﴾ [المائدة: 117]، فهم إنما عبدوه بعد موته عليه السلام،
فهؤلاء الذين يعبدون من دون الله -كالحسن، والحسين، وعبد القادر الجيلاني،
والأولياء، والصالحين- إنما عبدوا بعد موتهم، وهم لا يرضون بذلك، لم يعبدوا وهم
أحياء؛ لأنهم ينهون عن ذلك، وإنما عبدوهم بعد موتهم.
الصفحة 6 / 562
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد