×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 قوله: «وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ التَّوَسُّلِ وَالاِسْتِشْفَاعِ بِهِ؛ بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ هُوَ دَاعِيًا لِلْمُتَوَسِّلِ بِهِ أَنْ يَشْرَعَ ذَلِكَ فِي مَغِيبِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ». سبق أن الدعاء إنما يطلب من الحي الحاضر، لا بأس أن تسأله أن يدعو الله لك، كما كان الصحابة رضي الله عنهم يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم في حياته أن يدعو الله لهم، أمَّا بعد موته صلى الله عليه وسلم فلا يجوز أن يطلب منه شيء، لا الشفاعة ولا غير الشفاعة، فكيف بغيره من الأموات، والغائبين؟ هذا لا يجوز بحال من الأحوال.

قوله: «مَعَ أَنَّهُ هُوَ لَمْ يَدْعُ لِلْمُتَوَسِّلِ بِهِ، بَلِ الْمُتَوَسِّلُ بِهِ أَقْسَمَ لَهُ أَوْ سَأَلَ بِذَاتِهِ». من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم أو طلب منه الدعاء بعد موته، فإنما توسل بذات الرسول صلى الله عليه وسلم، والتوسل بالمخلوق لا يجوز؛ لأنه إقسام على الله بالمخلوق، فقول القائل: أسألك بنبيك. هذا إقسام على الله بالنبي صلى الله عليه وسلم، والحلف بغير الله لا يجوز بين الخلق، فكيف بين الخلق والخالق؟ لا يجوز الحلف بغير الله.

قوله: «مَعَ كَوْنِ الصَّحَابَةِ فَرَّقُوا بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ؛ وَذَلِكَ لأَِنَّهُ فِي حَيَاتِهِ يَدْعُو هُوَ لِمَنْ تَوَسَّلَ بِهِ»، في حياته صلى الله عليه وسلم يقدر على الدعاء، وأما بعد موته فلا يقدر على الدعاء؛ لأن عمله انتهى وختم. قوله: «وَدُعَاؤُهُ هُوَ لِلَّهِ سُبْحَانَهُ أَفْضَلُ دُعَاءِ الْخَلْقِ». دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته أفضل الدعاء للمخلوقين، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يطلبون منه أن يدعو الله لهم بالغيث والسقيا إذا أجدبوا، فيسقون ويجابون بدعوته صلى الله عليه وسلم، فلما مات وأجدبوا لم يذهبوا إلى قبره ليطلبوا منه كما كانوا يطلبون منه في حياته، فدل على أن طلب الدعاء من الميت لا يجوز. ومن يقول: إذا جاز في حياته أن يطلب منه الدعاء فيجوز بعد موته أن يطلب منه الدعاء 


الشرح