قَالَ أَهْلُ هَذَا
الْقَوْلِ: وَلاَ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ التَّوَسُّلِ وَالاِسْتِشْفَاعِ بِهِ -
بِمَعْنَى أَنْ يَكُونَ هُوَ دَاعِيًا لِلْمُتَوَسِّلِ بِهِ - أَنْ يَشْرَعَ
ذَلِكَ فِي مَغِيبِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ. مَعَ أَنَّهُ هُوَ لَمْ يَدْعُ
لِلْمُتَوَسِّلِ بِهِ، بَلِ الْمُتَوَسِّلُ بِهِ أَقْسَمَ لَهُ أَوْ سَأَلَ
بِذَاتِهِ مَعَ كَوْنِ الصَّحَابَةِ فَرَّقُوا بَيْنَ الأَْمْرَيْنِ؛ وَذَلِكَ
لأَِنَّهُ فِي حَيَاتِهِ يَدْعُو هُوَ لِمَنْ تَوَسَّلَ بِهِ، وَدُعَاؤُهُ هُوَ
لِلَّهِ سُبْحَانَهُ أَفْضَلُ دُعَاءِ الْخَلْقِ، فَهُوَ أَفْضَلُ الْخَلْقِ
وَأَكْرَمُهُمْ عَلَى اللَّهِ، فَدُعَاؤُهُ لِمَنْ دَعَا لَهُ، وَشَفَاعَتُهُ لَهُ
أَفْضَلُ دُعَاءِ مَخْلُوقٍ لِمَخْلُوقٍ، فَكَيْفَ يُقَاسُ هَذَا بِمَنْ لَمْ
يَدْعُ لَهُ الرَّسُولُ وَلَمْ يَشْفَعْ لَهُ؟ وَمَنْ سَوَّى بَيْنَ مَنْ دَعَا
لَهُ الرَّسُولُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَدْعُ لَهُ الرَّسُولُ، وَجَعَلَ هَذَا
التَّوَسُّلَ كَهَذَا التَّوَسُّلِ فَهُوَ مِنْ أَضَلِّ النَّاسِ.
وَأَيْضًا
فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي طَلَبِ الدُّعَاءِ مِنْهُ وَدُعَائِهِ هُوَ وَالتَّوَسُّلِ
بِدُعَائِهِ ضَرَر، بَلْ هُوَ خَيْرٌ بِلاَ شَرٍّ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَحْذُورٌ
وَلاَ مَفْسَدَةٌ، فَإِنَّ أَحَدًا مِنَ الأَْنْبِيَاءِ لَمْ يُعْبَدْ فِي
حَيَاتِهِ بِحُضُورِهِ، فَإِنَّهُ يَنْهَى مَنْ يَعْبُدُهُ وَيُشْرِكُ بِهِ وَلَوْ
كَانَ شِرْكًا أَصْغَرَ، كَمَا نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَنْ سَجَدَ
لَهُ عَنِ السُّجُودِ لَهُ وَكَمَا قَالَ: «لاَ تَقُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ
مُحَمَّدٌ؛ وَلَكِنْ قُولُوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ» ([1])، وَأَمْثَالِ
ذَلِكَ.
****
الشرح
قوله: «قَالَ أَهْلُ هَذَا الْقَوْلِ»، أهل هذا القول هم أهل التوحيد الذين يثبتون الشفاعة بشروطها، لا كما يقول المشركون: إن الله يشفع عنده الشافع وإن لم يأذن، ويشفع للمشركين الكفار.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (4980)، وابن ماجه رقم (2118)، وأحمد رقم (23339).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد