×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَخَافُ الْفِتْنَةَ وَالإِْشْرَاكَ بِهِ كَمَا أشْركَ بِالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ وَغَيْرِهِمَا عِنْدَ قُبُورِهِمْ.

وَلِهَذَا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ([1])، أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.

****

الشرح

قوله: «وَأَمَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَيَخَافُ الْفِتْنَةَ وَالإِْشْرَاكَ بِهِ». لو سمح للناس بطلب الحوائج والدعاء من الرسول صلى الله عليه وسلم بعد موته لجرى على هذه الأمة ما جرى على النصارى ومَن شابههم من الشرك من أنبيائهم بعد موتهم، ولهذا حذَّر صلى الله عليه وسلم من أن نفعل مثل فعل اليهود والنصارى مع أنبيائهم من البناء على القبور والدعاء عند القبور، وغير ذلك من وسائل الشرك، ونهى عن المبالغة في مدحه صلى الله عليه وسلم كما بالغت النصارى في حق المسيح عليه السلام، فقال: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ؛ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ»، فالغلو في المدح يُفضي إلى الشرك في الممدوح.

قوله: «كَمَا أشْركَ بِالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ وَغَيْرِهِمَا»، كما أشرك بالمسيح عند النصارى، وأشرك بالعزير عند اليهود، قال تعالى: ﴿وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ عُزَيۡرٌ ٱبۡنُ ٱللَّهِ وَقَالَتِ ٱلنَّصَٰرَى ٱلۡمَسِيحُ ٱبۡنُ ٱللَّهِۖ ذَٰلِكَ قَوۡلُهُم بِأَفۡوَٰهِهِمۡۖ [التوبة: 30].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3445).