قوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُطْرُونِي» أي: لا تزيدوا في مدحي،
«كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ
مَرْيَمَ»، غلتْ في مدحه وجعلته ابنًا لله أو ثالث ثلاثة مع الله تبارك وتعالى
وتنزَّه عمَّا يقولون، فالغلو في المدح يفضي إلى الشرك، ومن ذلك: الاحتفال بمولد
الرسول صلى الله عليه وسلم، فمع أنه بدعة وضلال، فهو وسيلة إلى الشرك بالرسول صلى
الله عليه وسلم، وهذا حاصل في أغلب الموالد أنهم يستغيثون بالرسول، ويستنجدون به،
ويشكون له الأحوال في أثناء الحفل، ويزعمون أنه يأتي ويحضر حفلهم، وغير ذلك من
الخرافات، وهذا مشابه لفعل النصارى، والنبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن التشبه
بالنصارى في حقه، فقال: «لاَ تُطْرُونِي
كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ»، فهؤلاء الذين يعملون هذا
المولد يقعون في هذه الأمور، ويفتحون الباب للشرك، والبدعة لا تجر إلا الشر دائمًا
وأبدا.
قوله صلى الله عليه
وسلم: «فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ،
فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ»، صفتان له صلى الله عليه وسلم هما
أعظم الصفات: عبد الله، وما أشرف أن يكون الإنسان عبدًا لله سبحانه وتعالى، ولهذا
الله جل وعلا مدح رسوله بالعبودية، فقال: ﴿سُبۡحَٰنَ
ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ﴾ [الإسراء: 1]، ﴿تَبَارَكَ
ٱلَّذِي نَزَّلَ ٱلۡفُرۡقَانَ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦ﴾ [الفرقان: 1]، ﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ
مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا﴾ [البقرة: 23]، هذه أشرف
المقامات، وقال عن نوح: ﴿إِنَّهُۥ كَانَ
عَبۡدٗا شَكُورٗا﴾ [الإسراء: 3] فالله سبحانه وتعالى يصف أنبياءه
بالعبودية، وهذا أشرف شيء، وهم لا يرتفعون عن مقام العبودية.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد