×
شرح قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة الجزء الثاني

 فقد لا يحدثها الإنسان، بل يحدثها غيره، ثم يأتي هو ويعمل بها، فسواء أحدثها هو وعمل بها غيره، كلها مردودة لا تقبل. ولا يقال: هذا الذي عليه الناس، والناس كلهم يعملون هذا الشيء. ليس لك أن تتبع الناس إذا كان أحدثوها، فالعامل بالبدعة كالمحدث لها سواء.

قوله تعالى في الحديث القدسي: «أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ؛ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ غَيْرِي فَأَنَا مِنْهُ بَرِيءٌ؛ وَهُوَ كُلُّهُ لِلَّذِي أَشْرَكَ»، دليل على أنَّ الله جل وعلا لا يقبل العمل الذي فيه شرك.

قوله: «وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ: الْعِبَادَاتُ مَبْنَاهَا عَلَى التَّوْقِيفِ» أي: على الدليل، فلا يعمل منها شيء إلا بدليل من الكتاب والسنة، وما ليس له دليل فإنه بدعة محدثة. وليت هؤلاء ينتبهون ويعقلون ويتدبرون، ويتركون البدع التي تبعدهم عن الله، وتسخطه عليهم، ويعلمون أن أعمالهم مردودة عليهم حتى يخلصوها لله بالتوحيد، ويتبعوا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم ويتركوا البدع.

وقول عمر رضي الله عنه: «وَاللَّهِ إنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّك حَجَرٌ لاَ تَضُرُّ وَلاَ تَنْفَعُ». الحجر الأسود مشعر من مشاعر الله لا ينفع ولا يضر؛ لكنه محل عبادة، فأنت تقبله طاعة لله سبحانه وتعالى، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، فعمر رضي الله عنه أعلن هذا، وقال: «وَلَوْلاَ أَنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يُقَبِّلُكَ مَا قَبَّلْتُكَ»، فهو قبَّله اتباعًا للرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا عبادة لله جل وعلا وليس عبادة للحجر، والحجر مشعر من مشاعر الله التي يعبد عندها.


الشرح