كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ: عَنْ أَبِي مَرْثَدٍ الغَنَويِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله
عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ وَلاَ تُصَلُّوا إلَيْهَا» ([1])، فَلاَ يَجُوزُ
أَنْ يُصَلِّيَ إلَى شَيْءٍ مِنَ الْقُبُورِ - لاَ قُبُورِ الأَْنْبِيَاء وَلاَ
غَيْرِهِمْ - لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، وَلاَ خِلاَفَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ
أَنَّهُ لاَ يُشْرَعُ أَنْ يَقْصِدَ الصَّلاَةَ إلَى الْقَبْرِ، بَلْ هَذَا مِنَ
الْبِدَعِ الْمُحْدَثَةِ، وَكَذَلِكَ قَصْدُ شَيْءٍ مِنَ الْقُبُورِ لاَ سِيَّمَا
قُبُورُ الأَْنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ عِنْدَ الدُّعَاءِ.
فَإِذَا لَمْ
يَجُزْ قَصْدُ اسْتِقْبَالِهِ عِنْدَ الدُّعَاءِ لِلَّهِ تعالى فَدُعَاءُ
الْمَيِّتِ نَفْسِهِ أَوْلَى أَلا يَجُوزَ، كَمَا أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ
يُصَلِّيَ مُسْتَقْبِلَهُ، فَلَأَنْ لاَ يَجُوزَ الصَّلاَةُ لَهُ بِطَرِيقِ
الأَْوْلَى. فَعُلِمَ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ أَنْ يُسْأَلَ الْمَيِّتُ شَيْئًا: لاَ
يُطْلَبُ مِنْهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لَهُ وَلاَ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلاَ يَجُوزُ
أَنْ يُشْكَى إلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ مَصَائِبِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ؛ وَلَوْ جَازَ
أَنْ يُشْكَى إلَيْهِ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ لاَ
يُفْضِي إلَى الشِّرْكِ، وَهَذَا يُفْضِي إلَى الشِّرْكِ لأَِنَّهُ فِي حَيَاتِهِ
مُكَلَّفٌ أَنْ يُجِيبَ سُؤَالَ مَنْ سَأَلَهُ، لِمَا لَهُ فِي ذَلِكَ مِنَ
الأَْجْرِ وَالثَّوَابِ، وَبَعْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ مُكَلَّفًا.
****
الشرح
قوله صلى الله عليه
وسلم: «لاَ تَجْلِسُوا عَلَى
الْقُبُورِ، وَلاَ تُصَلُّوا إلَيْهَا»، هذا حديث من جوامع الكلم؛ فيه نهى عن
الإفراط والتفريط، فلا تستهينوا بالقبور وتسيئوا إليها وتجلسوا عليها، ولا تغلوا
فيها فتستقبلوها في الصلاة.
قوله: «فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُصَلِّيَ إلَى شَيْءٍ مِنَ الْقُبُورِ - لاَ قُبُورِ الأَْنْبِيَاء وَلاَ غَيْرِهِمْ - لِهَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ»، إذا قصد الصلاة مستقبلاً القبر
([1]) أخرجه: مسلم رقم (972).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد