الطاغوت، هذا نهي عن
الشرك، وكل الرسل على هذا، فعقيدتهم واحدة؛ أما شرائعهم التي شرعها الله لهم في
المعاملات والأحكام فمختلفة بحسب كل زمان، الله يشرع لكل جيل ولكل زمان ما يصلح
لهم، ثم ينسخ ذلك بشريعة أخرى لمن بعدهم حسب مصالح الناس، قال تعالى: ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ
شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ﴾ [المائدة: 48]، هذا في الفروع لا في الأصول؛ أما الأصول
فهي واحدة متفق عليها إلى أن يبعث الله محمدًا صلى الله عليه وسلم، فاستقرت
الشريعة في ملته إلى أن تقوم الساعة لا تنسخ ولا تبدل ولا تغير، كما في الصحيحين
من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الأَْنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ؛
أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ»، فأصل إيمانهم واحد وشرائعهم
مختلفة، والمراد بها الشرائع العملية، أما العقيدة فواحدة.
قوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ
مَا وَصَّىٰ بِهِۦ نُوحٗا﴾ [الشورى: 13] أي: ما أمر به نوحًا، ﴿وَٱلَّذِيٓ أَوۡحَيۡنَآ
إِلَيۡكَ﴾ والذي أوحاه إلى محمد صلى الله عليه وسلم، ﴿وَمَا وَصَّيۡنَا بِهِۦٓ
إِبۡرَٰهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰٓۖ﴾ ما هو؟ ﴿أَنۡ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ﴾، فدلَّ على أن
شرائع الأنبياء هي إقامة الدين، وذلك بعبادة الله وحده، فهذا هو الذي شرعه الله
لجميع الأنبياء، وذكر هؤلاء الأنبياء خاصة؛ لأنهم أولو العزم الخمسة، ﴿وَلَا تَتَفَرَّقُواْ فِيهِۚ﴾ [الشورى: 13] أي:
لا تتفرقوا في التوحيد والعقيدة، فالعقيدة توقيفية ليس فيها اختلاف ولا تفرق،
وليست محلًّا للاجتهاد؛ إنما الاختلاف يأتي في المسائل الفرعية الفقهية، في
الاستنباط الذي للرأي فيه مجال.
قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ هَٰذِهِۦٓ أُمَّتُكُمۡ أُمَّةٗ وَٰحِدَةٗ وَأَنَا۠ رَبُّكُمۡ فَٱتَّقُونِ﴾ [المؤمنون: 52]، فالتوحيد واحد، والعقيدة واحدة لا تفرق فيها،
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد