فالذي ينادي برابطة غير رابطة الإسلام كرابطة القومية، والعصبية إنَّما يفرق، ولا يُجَمِّع، وإنما يدعو بدعوى الجاهلية، وقد قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» ([1]) وقال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَزَّى بِعَزَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَعِضُّوهُ بِهَنِ أَبِيهِ وَلاَ تَكْنُوا» ([2]) أي قولوا له: أعضض بفرج أبيك إهانة له؛ لأنَّه يدعو إلى شيءٍ قبيحٍ، وفي بعض الغزوات حصلت مشادةٌ بين رجلٍ من المهاجرين، ورجل من الأنصار؛ فقال المهاجريُّ: يا للمُهاجرينَ، وقال الأنصاريُّ: يا للأنصار؛ فسمعها النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» ([3]).
فأمر صلى الله عليه
وسلم بتركِ هذه الدعوةِ، وأخبر أنها مُنتنةٌ، والمُنتنُ خبيثٌ، والله تعالى حرَّم
علينا الخبائث، ومن ذلك النداءُ بالقوميات والعنصريات.
ولا سيما إذا كان
القصدُ من ذلك الاعتياض به عن رابطة الإسلام كما يُريد دعاة القومية اليوم، وقد
بيَّن اللهُ سبحانه أنَّ الحكمة من جعله بني آدم شُعوبًا، وقبائل هي للتعارف فيما
بينهم، وليس للتعصب للعنصريات، والقوميات قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا
ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن ذَكَرٖ وَأُنثَىٰ وَجَعَلۡنَٰكُمۡ شُعُوبٗا
وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْۚ﴾ [الحجرات: 13]، أي ليحصل التعارفُ بينكُم كلٌّ يرجعُ
إلى نَسَبِه، وإلى قبيلتِه لا تفاخرُوا بأنسابكم، وقوميتكم؛ فجميع الناس في الشرف
بالنسبة الطينية إلى آدم وحواء سواء.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1232)، ومسلم رقم (103).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد