×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

 المجرمين، والمفسدين إلى حدِّ الفوضى، وهو ما يسمى بالديمقراطية؟ أو يتوفر باستعمال الأجهزة الدقيقة، والأسلحة الفتاكة، وما توفر بالمخترعات الحديثة من إمكانيات، أو يتوفر الأمن بقوة الحصون، والأبواب، والحراس؟ لقد فشلت كل الوسائل، وأفلست كل نظم الأرض، وحِيَل البشر؛ فلم تستطع توفير الأمن.

وأدل دليل على ذلك واقع الدول الراقية التي تملك كل عناصر القوة المادية، وما تعانيه من الفوضى، وانتشار الخوف في ربوعها، وتسلط المجرمين على شعوبها حتى إن مَن يسافر إليهم لا يأمن على نفسه ولا يستطيع أن يحمل معه شيء من النقود الضرورية إلا وهو خائف أشد الخوف، ومتوقع للغدر في كل لحظة.

إذًا فما هي الأسباب الصحيحة لتوفير الأمن للمجتمعات بعد ما جرَّبَت البشرية كل النظم، إن أسباب الأمن تتوفر في شيء واحد هو دين الإسلام الذي اختاره الله للبشرية جميعًا إلى يوم القيامة، ﴿وَمَنۡ أَحۡسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكۡمٗا لِّقَوۡمٖ يُوقِنُونَ [المائدة: 50]، وقال عنه جل وعلا: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ [المائدة: 3]، وقال عن نبيه: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا رَحۡمَةٗ لِّلۡعَٰلَمِينَ [الأنبياء: 107]، وخير شاهدٍ على ذلك حالة العرب خاصة، والعالم عامة قبل مجيء هذا الدين؛ فقد كانوا في جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، وكانت جزيرة العرب بالذات مسرحًا للفتن والاضطرابات، والنهب، والسلب، والحروب؛ فلما جاء هذا الدين، ودخلوا فيه تحولوا إلى مجتمعٍ مثالي يسوده الأمن ويحكمه الوحي، وتوجِّهه العقيدة السليمة تحولت فيه العداوة إلى محبة، والقطيعة إلى أخوة، والشح، والأثرة إلى إيثار


الشرح