بالكلية، وشغله
بالشر فإنه لا يألو جهدًا في ذلك، كما فعل بالكفار والمنافقين، وإن لم يستطع منع
ابن آدم من الخير بالكلية فإنه يكسله عنه، ويشغله عنه حتى يفوته عليه كما يكسل عن
الصلاة وإخراج الزكاة، وكما يفعل مع كثير من الناس اليوم ممن يرتادون المساجد
للجمعة والجماعة، فإنه في صلاة الجمعة يكسلهم عن التبكير في الحضور إليها؛ فبعضهم
لا يأتي إلا عند دخول الخطيب، وبعضهم لا يأتي إلا عند الإقامة، وبعضهم لا يأتي إلا
في آخر الصلاة؛ فيفوت عليهم ثواب التبكير إلى الجمعة.
وقد ورد في حديث أبي
هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنِ اغْتَسَلَ
يَوْمَ الْجُمُعَةِ غُسْلَ الْجَنَابَةِ ثُمَّ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الأُْولَى
فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَدَنَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّانِيَةِ
فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَقَرَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الثَّالِثَةِ
فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ كَبْشًا أَقْرَنَ، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الرَّابِعَةِ
فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ دَجَاجَةً، وَمَنْ رَاحَ فِي السَّاعَةِ الْخَامِسَةِ
فَكَأَنَّمَا قَرَّبَ بَيْضَةً، فَإِذَا خَرَجَ الإِْمَامُ حَضَرَتِ
الْمَلاَئِكَةُ يَسْتَمِعُونَ الذِّكْرَ» ([1]) متفق عليه.
ومن الناس مَن يفوته
هذا الأجر، ويفوته استماع الخطبة أيضًا؛ فلا يحضر إلا عند الإقامة، أو في آخر
الصلاة.
واستماع الخطبة أمرٌ مطلوبٌ من المسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على استماعها، ونهى عن الكلام والإمام يخطب لأنه يشغل عن ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: «إِذَا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ خَرَجَ الشَّيَاطِينُ يُوَثِّبُونَ النَّاسَ إِلَى أَسْوَاقِهِمْ وَمَعَهُمُ الرَّايَاتُ وَتَقْعُدُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ يَكْتُبُونَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ مَنَازِلِهِمْ: السَّابِقُ وَالْمُصَلِّي الَّذِي يَلِيهِ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (881) ومسلم رقم (850).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد