×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

فإنهم في ربح لا في خُسرٍ؛ لأنهم عملوا للآخرة، ولم تشغلهم أعمال الدنيا عنها؛ فتأمل -أيها المسلم- مع أي الصِّنفين أنت؟ مع الخاسرين، أو الرابحين؟ إن هذه الأوقات التي تمر بك أيها الإنسان فرصٌ عظيمةٌ إذا مضت فلن تعود إليك، وإنما تُحسب من عمرك، ويُكتب لك أو عليك حسبما عملته فيها، فبادر باغتنامها قبل فواتها.

والله سبحانه قد جعل الليل والنهار وقتًا للعبادة كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ خِلۡفَةٗ لِّمَنۡ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوۡ أَرَادَ شُكُورٗا [الفرقان: 62].

فرض فيها الصلوات الخمس في أوقات محددة من اليوم والليلة كما قال تعالى: ﴿أَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِدُلُوكِ ٱلشَّمۡسِ إِلَىٰ غَسَقِ ٱلَّيۡلِ وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا [الإسراء: 78].

وشرع صلوات النوافل فيما بين ذلك من غير الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، وشرع ذكر الله بالتهليل والتسبيح والتكبير والتحميد في جميع الساعات وخصَّ أدبار الصلوات، والصباح والمساء بفضيلة الذكر فيها. قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكۡرٗا كَثِيرٗا ٤١  وَسَبِّحُوهُ بُكۡرَةٗ وَأَصِيلًا ٤٢ [الأحزاب: 41، 42]، وقال تعالى﴿فَٱذۡكُرُونِيٓ أَذۡكُرۡكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لِي وَلَا تَكۡفُرُونِ  [البقرة: 152]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه، وإذا نظرنا إلى عبادة الصيام وجدنا أن الله قد فرض صيام شهرٍ من السنة، وشرع صيامًا تطوعًا أسبوعيًّا وهو صيام الاثنين والخميس، وصومًا شهريًّا، وهو ثلاثة أيام من كل شهر، وخص بالصيام أيامًا من بعض الأشهر كعشر ذي الحجة وستة أيام من شوال لمن صام شهر رمضان وغالب شهر شعبان، وكل شهر الله المحرم، ومَن كان عنده قوةٌ


الشرح