×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ [البقرة: 112] ؛ فقوله تعالى﴿أَسۡلَمَ وَجۡهَهُۥ [البقرة: 112]، أي أخلص عمله لله من الشرك، وقوله: ﴿وَهُوَ مُحۡسِنٞ [البقرة: 112] أي متبعٌ للرسول بأن يكون هذا العمل مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم. وإذا توفر هذان الشرطان في العمل كان هو العمل الأحسن الذي قال الله تعالى فيه: ﴿ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۚ [الملك: 2]، قال الفضيل بن عياض رحمه الله: ﴿أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗاۗ [هود: 7]. أخلصه، وأصوبه، قيل: وما أخلصه، وأصوبه؟ قال: أن يكون خالصًا لوجه الله، صوابًا على سنة رسول الله، وكما أن الله بيَّن هذين الشرطين في كتابه الكريم، فقد بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنَّته المطهرة.

بيَّن الشرط الأول في قوله: «إِنَّمَا الأَْعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» ([1])، وبيَّن الشرط الثاني بقوله: «مَنْ عَمِلَ عَمَلاً لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» ([2]).

فهذان الحديثان يُكوِّنان أصلاً عظيمًا من أصول الإسلام، الحديث الأول ميزان الأعمال في باطنها، والحديث الثاني ميزان الأعمال في ظاهرها ففيهما الإخلاص للمعبود، والمتابعة للرسول، وهذان شرطان لصحة كل قولٍ وعمل ظاهرٍ وباطنٍ. فمن أخلص أعماله لله متبعًا في ذلك رسول الله فهذا الذي عمله مقبولٌ، ومَن أخلَّ بهذين الشرطين أو أحدهما فعمله مردودٌ. ومهما أتعب نفسه لم يزده ذلك إلا بعدًا من الله، قال الله تعالى في هذا العمل: ﴿وَقَدِمۡنَآ إِلَىٰ مَا عَمِلُواْ مِنۡ عَمَلٖ فَجَعَلۡنَٰهُ هَبَآءٗ مَّنثُورًا [الفرقان: 23].


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1)، ومسلم رقم (1907).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1718).