×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

 تعظيمه حتى يفضي إلى دعائه والاستغاثة به من دون الله كما هو الواقع الآن من كثير ممن يحيون بدعة المولد من دعاء الرسول من دون الله وطلب المَدَد منه وإنشاد القصائد الشركية في مدحه كقصيدة البُرْدَة وغيرها، وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن الغلو في مدحه فقال: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتِ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا: عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» ([1]) أي لا تغلو في مدحي وتعظيمي كما غَلَت النصارى في مدح المسيح وتعظيمه حتى عبدوه من دون الله. وقد نهاهم الله عن ذلك بقوله: ﴿يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَا تَغۡلُواْ فِي دِينِكُمۡ وَلَا تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡحَقَّۚ إِنَّمَا ٱلۡمَسِيحُ عِيسَى ٱبۡنُ مَرۡيَمَ رَسُولُ ٱللَّهِ وَكَلِمَتُهُۥٓ أَلۡقَىٰهَآ إِلَىٰ مَرۡيَمَ وَرُوحٞ مِّنۡهُۖ [النساء: 171].

ونهانا نبينا صلى الله عليه وسلم عن الغلوِّ فيه خشية أن يصيبنا ما أصابهم فقال: «إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ؛ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ» ([2]).

رابعًا: إن إحياء بدعة المولد يفتح الباب للبدع الأخرى والاشتغال بها عن السنن؛ ولهذا تجد المبتدعة ينشطون في إحياء البِدَع ويكسلون عن السنن ويبغضونها ويُعادون أهلها، حتى صار دينهم كله ذكريات بدعية وموالد. وانقسموا إلى فرق كل فرقة تحيي ذكرى موالد أئمتها، كمولد البدوي وابن عربي والدسوقي والشاذلي وهكذا لا يفرغون من مولد إلا وانشغلوا بآخر، ونتج عن ذلك الغلو بهؤلاء الموتى وبغيرهم ودعائهم من دون الله واعتقاد أنهم ينفعون ويضرون حتى انسلخوا من دين الإسلام وعادوا إلى دين الجاهلية الذين قال الله فيهم:


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3261).

([2])  أخرجه: النسائي رقم (3057)، وأحمد رقم (1851)، والحاكم رقم (1711).