×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَمَا بَخَسَ قَوْمٌ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ ابْتُلُوا بِشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ» ([1]) فالمعاصي تسبب قصم الأعمار، وانحباس الأمطار، وخراب الديار، وغور الآبار، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ أَخَذۡنَآ ءَالَ فِرۡعَوۡنَ بِٱلسِّنِينَ وَنَقۡصٖ مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمۡ يَذَّكَّرُونَ [الأعراف: 130]. ما الذي أغرق قوم نوح بالطوفان، وأغرق فرعون وجنوده في البحر، وما الذي سلط الريح العقيم على عاد؟ وما الذي أرسل الصيحة على ثمود؟ وما الذي أرسل الحاصب وأمطر الحجارة على قوم لوط وقلب عليهم عالي البلاد سافلها؟ وما الذي خسف الأرض بقارون؟ وما الذي أمطر النار المحرقة وأرسل الصيحة على قوم شعيب؟ أليست هي الذنوب والمعاصي؟ قال تعالى: ﴿فَكُلًّا أَخَذۡنَا بِذَنۢبِهِۦۖ فَمِنۡهُم مَّنۡ أَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِ حَاصِبٗا وَمِنۡهُم مَّنۡ أَخَذَتۡهُ ٱلصَّيۡحَةُ وَمِنۡهُم مَّنۡ خَسَفۡنَا بِهِ ٱلۡأَرۡضَ وَمِنۡهُم مَّنۡ أَغۡرَقۡنَاۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ [العنكبوت: 40]. إنَّ الذنوب هي التي أهلكت هذه الأمم الماضية، وهي التي تهلك الأمم اللاحقة. قال تعالى: ﴿أَلَمۡ نُهۡلِكِ ٱلۡأَوَّلِينَ ١٦  ثُمَّ نُتۡبِعُهُمُ ٱلۡأٓخِرِينَ ١٧  كَذَٰلِكَ نَفۡعَلُ بِٱلۡمُجۡرِمِينَ ١٨ وَيۡلٞ يَوۡمَئِذٖ لِّلۡمُكَذِّبِينَ ١ [المرسلات: 16- 19]. وهذا ما ذكره الله من عقوبات الأمم الماضية، وما نشاهده اليوم وما نسمعه من العقوبات بالأمم المعاصرة فيه أكبر زاجر وأعظم واعظ لنا، فها هي الحروب الطاحنة تشتعل نيرانها في البلاد المجاورة، وهي حروب دمار لم يسبق لها مثيل في تاريخ البشرية لما يستعمل فيها من الأسلحة الفتاكة والانفجارات المروِّعة والقذائف المدمِّرة بعيدة المدى التي لا يمنع منها حصون ولا تقي منها


الشرح

([1])  أخرجه: ابن ماجه رقم (4019)، والحاكم رقم (8623).