أخبر سبحانه في
هاتين الآيتين: أن من اتصف بهذه الصفات المذكورة فيهما؛ فإن الله يوفيه أجره على
عمله ويزيده أجرًا من عنده تفضلاً منه؛ لأنه سبحانه ﴿غَفُورٞ﴾ أي كثير المغفرة، يغفر الذنوب لمن تاب منها وإن عظمت ﴿شَكُورٞ﴾ أي يشكر لعباده إذا عملوا بطاعته وتركوا معصيته، وقد ذكر سبحانه فيهما
للمؤمنين عدة صفاتٍ:
الصفة الأولى: تلاوة القرآن الكريم بتدبرٍ وتعقلٍ والمداومة على ذلك؛ فإن تلاوة القرآن من أفضل الأعمال وأجلِّ أنواع الذكر، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا؛ لاَ أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» ([1]) وتلاوة القرآن طريقٌ إلى العمل به، والتلاوة التي بدون عملٍ لا فائدة منها، بل إن الذي يقرأ القرآن ولا يعمل به يأثم إثمًا عظيمًا، وسيكون القرآن خصمًا له يوم القيامة عند رب العالمين، يقول يا رب حمَّلتني إياه، فبئس حاملٍ تعدى حدودي وضيع فرائضي، ولا يزال يقذف عليه بالحجج حتى يقال شأنك به فلا يتركه حتى يكبه في النار. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ» ([2]) والقرآن أُنزِل ليكون هاديًّا ودليلاً للعباد في عقائدهم وعبادتهم، ومعاملاتهم، وسلوكهم وأخلاقهم. وليحكم بينهم في منازعاتهم وخصوماتهم، من تركه من جبارٍ قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله، ما أُنزِل القرآن ليُتلَى باللسان فقط تلاوةً مجردةً عن التدبُّر منفصلةً عن العمل، وما أُنزِل القرآن ليُكتب على لوحاتٍ أو ملصقاتٍ تُعلق على
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2910)، والطبراني في « الكبير » رقم (8646).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد