الجدران لأجل الزينة
أو البركة، أو ليُكتَب في حجبٍ وحروزٍ تُعلق لدفع العين والبلاء، وما أُنزِل
القرآن ليُقرَأ على الموتى عند قبورهم وأضرحتهم أو في المآتم المبتدَعة التي تُقام
على الأموات باسم العزاء، أو في المحافل التي تُقام للدعاية، أو يُتلَى للتلذذ
بنغمة القارئ وحسن الصوت والتطريب به فقط، وما أُنزِل القرآن لتُفتتح به برامج
الإذاعات ثم يعقبه العزف والغناء فهذا مما ينزَّه ويُجلُّ عنه كلام الله، وما
أُنزِل القرآن لتتخذ تلاوته حرفةً تُتقاضى عليها الأجور كما يفعل كثيرٌ من
المقرئين الذين اتخذوا قراءة القرآن في المآتم وعند الأضرحة وفي الحفلات حرفةً
يأكلون بها أموال الناس بالباطل ويقرءونه بطريقةٍ خارجةٍ عن المشروع بالتمطيط
والتلحين، فذلك يتنافى مع حرمة القرآن، وفي حديث حذيفة بن اليمان، قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «وَسَيَجِيءُ قَوْمٌ مِنْ بَعْدِي يُرَجِّعُونَ
بِالْقُرْآنِ تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ وَالرَّهْبَانِيَّةِ وَالنَّوْحِ، لاَ
يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ» ([1])، رواه الطبراني في
الأوسط والبيهقي في الشعب وغيرهما. وفي حديث عابس الغفاري: «وقومٌ يَتَّخِذُونَ
الْقُرْآنَ مَزَامِيرَ، يُقَدِّمُونَ أَحَدَهُمْ لَيْسَ بِأَفْقَهِهِمْ وَلاَ
أَفْضَلِهِمْ إِلاَّ لِيُغَنِّيَهُمْ بِهِ غِنَاءً» ([2]) رواه أبو عبيدٍ
القاسم بن سلام، وله طرقٌ أخرى تقويه. والواقع اليوم يشهد له، فاتقوا الله -أيها
المسلمون- وانظروا موقفكم من القرآن...
الصفة الثانية: في قوله تعالى ﴿وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ﴾ [فاطر: 29] أي أنهم اتبعوا التلاوة بالعمل ولم يكتفوا بمجرد التلاوة، وذكر إقامة الصلاة
([1]) أخرجه: الطبراني في « الأوسط » رقم (7223)، والبيهقي في «ا لشعب » رقم (2406).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد