×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

 وَمِنۡهَا تُخۡرَجُونَ [الأعراف: 25]. وقال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ مَكَّنَّٰكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَجَعَلۡنَا لَكُمۡ فِيهَا مَعَٰيِشَۗ قَلِيلٗا مَّا تَشۡكُرُونَ [الأعراف: 10]. وقال تعالى: ﴿هُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ ذَلُولٗا فَٱمۡشُواْ فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُواْ مِن رِّزۡقِهِۦۖ وَإِلَيۡهِ ٱلنُّشُورُ [الملك: 15].

والآيات في هذا كثيرةٌ، ومن رحمته أن أودع في هذه الأرض كل ما يحتاجه الخلق الذين يعيشون على ظهرها فبارك فيها وقدّر فيها أقواتها، وجعلها قرارًا أي قارَّةً ثابتةً لا تتحرك ولا تميد، وأرساها بالجبال حتى نتمكن من البناء عليها والعيش على ظهرها، قال تعالى: ﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارٗا [غافر: 64] وقال تعالى: ﴿وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ [النحل: 15].

قال الإمام العلامة ابن القيم رحمه الله: ثم تأمل خلق الأرض على ما هي عليه، حين خلقها واقفةً ساكنةً لتكون مهادًا ومستقرًّا للحيوان والنبات والأمتعة، ويتمكن الحيوان والناس من السعي عليها في مآربهم والجلوس لراحاتهم والنوم لهدوئهم والتمكن من أعمالهم، ولو كانت رجراجة متكفئة لم يستطيعوا على ظهرها قرارًا ولا هدوءًا، ولا ثبت لهم عليها بناءٌ، ولا أمكنهم عليها صناعةً ولا تجارةً ولا حراثةً ولا مصلحةً، وكيف كانوا يتهنون بالعيش والأرض ترتج من تحتهم، واعتبر ذلك بما يصيبهم من الزلازل على قلة وقتها، كيف تضطرهم إلى ترك منازلهم والهرب عنها، وقد نبه الله تعالى على ذلك بقوله: ﴿وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ [النحل: 15]. وقوله: ﴿ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارٗا [غافر: 64]. وقوله: ﴿ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ مَهۡدٗا [طه: 53] قال رحمه الله: ثم تأمل الحكمة البالغة في ليونة الأرض مع يبسها؛


الشرح