×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

وقد خصَّ الله الإنسان من بين المخلوقات فاستخلفه في هذه الأرض، وسخر له هذا الكون وأمده بإمكانياتٍ عقليةٍ وجسميةٍ، وابتلاه بالخير والشر، وأمره ونهاه ووعده وتوعَّده فقال تعالى: ﴿أَيَحۡسَبُ ٱلۡإِنسَٰنُ أَن يُتۡرَكَ سُدًى [القيامة: 36]. وقال تعالى: ﴿أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ [المؤمنون: 115] وجعل الجزاء من جنس العمل، إن خيرًا فخير، وإن شرًّا فشر، قال تعالى: ﴿وَأَن لَّيۡسَ لِلۡإِنسَٰنِ إِلَّا مَا سَعَىٰ ٣  وَأَنَّ سَعۡيَهُۥ سَوۡفَ يُرَىٰ ٤  ثُمَّ يُجۡزَىٰهُ ٱلۡجَزَآءَ ٱلۡأَوۡفَىٰ ٤ [النجم: 39- 41]. وقال تعالى: ﴿فَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ ٧  وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ ٨ [الزلزلة: 7، 8].

وفي الحديث القدسي: «يَا عِبَادِي، إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ» ([1]).

وقد خاطب الله هذا الإنسان بعدة خطاباتٍ، ووصفه بكثيرٍ من الصفات، قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلۡإِنسَٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدۡحٗا فَمُلَٰقِيهِ [الانشقاق: 6] أي إنك ساعٍ إلى ربك سعيًا وعامل عملاً﴿فَمُلَٰقِيهِ [الانشقاق: 6] أي ستلقى ما عملت من خيرٍ أو شر.

عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ جِبْرَائِيلُ: يَا مُحَمَّدُ عِشْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ، وَأَحْبِبْ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُهُ، وَاعْمَلْ مَا شِئْتَ فَإِنَّكَ مُلاقِيهِ» ([2]) وقيل معنى الآية: أنك ستلقى ربك فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك، والقولان متلازمان، فالإنسان لا بد أن يعمل عملاً يلاقي الله به فيجازيه عليه.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (2577).

([2])  أخرجه: الحاكم رقم (7921)، والطبراني في « الأوسط » رقم (4845).