×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

وقد ذمَّ الله الذين لا يعقلون وجعلهم في مرتبةٍ أقل من مرتبة البهائم، قال تعالى: ﴿أَمۡ تَحۡسَبُ أَنَّ أَكۡثَرَهُمۡ يَسۡمَعُونَ أَوۡ يَعۡقِلُونَۚ إِنۡ هُمۡ إِلَّا كَٱلۡأَنۡعَٰمِ بَلۡ هُمۡ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان: 44].

وقد نهى الله عن تعاطي ما يخل بالعقل ورتب على ذلك حدًا رادعًا وعقوبةً زاجرةً، فالعقل هو أحد الضروريات الخمس التي أجمعت الشرائع السماوية على وجوب حفظها؛ لأن في حفظها قوام مصلحة البشرية؛ لأن فاقد العقل يسيء إلى نفسه وإلى مجتمعه، فقد يوقع نفسه في الهلاك والفساد الخلقي ويتعدى على غيره بما يضره، فيخل بالأمن ويروع المجتمع. قال الله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِنَّمَا ٱلۡخَمۡرُ وَٱلۡمَيۡسِرُ وَٱلۡأَنصَابُ وَٱلۡأَزۡلَٰمُ رِجۡسٞ مِّنۡ عَمَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ فَٱجۡتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٩٠ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱلشَّيۡطَٰنُ أَن يُوقِعَ بَيۡنَكُمُ ٱلۡعَدَٰوَةَ وَٱلۡبَغۡضَآءَ فِي ٱلۡخَمۡرِ وَٱلۡمَيۡسِرِ وَيَصُدَّكُمۡ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَعَنِ ٱلصَّلَوٰةِۖ فَهَلۡ أَنتُم مُّنتَهُونَ ٩١ [المائدة: 90، 91] فبيَّن الله سبحانه مفاسد الخمر وما ذُكِرَ معها من الجرائم أنها تسبب عدم الفلاح، وأنها رجسٌ من عمل الشيطان، وأنها توقع في المجتمع العداوة والبغضاء وتصد عن ذكر الله الذي به حياة القلوب، وتصد عن الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وكلها مفاسد عظيمةٌ، وأخطارٌ جسيمةٌ، والخمر كل ما خامر العقل وغطاه من المسكرات من أي مادةٍ صُنِعَت، وبأي اسمٍ سمِّيت. فقد ورد أنه يأتي في آخر الزمان قومٌ يسمون الخمر بغير اسمها، والأسماء لا تغير الحقائق، ومثل الخمر بل شرٌّ منه كلُّ مفترٍ للجسم معطلٍ للحواس، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كل مسكرٍ ومفترٍ، والمفتر كل ما ينشأ عنه استرخاء الأطراف وتخدرها وفقدان الغيرة.


الشرح