×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

قال الإمام ابن كثير رحمه الله على هذه الآية: يخبر تعالى عن فضله وكرمه ولطفه بخلقه وإحسانه: إن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان يلحقهم بآبائهم في المنزلة وإن لم يبلغوا عملهم؛ لتقرّ أعين الآباء بالأبناء عندهم في منازلهم، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذاك، ومن اقتداء الذرية بالآباء في اتباع الحق اقتداء نبي الله يوسف عليه السلام حين قال: ﴿قَالَ لَا يَأۡتِيكُمَا طَعَامٞ تُرۡزَقَانِهِۦٓ إِلَّا نَبَّأۡتُكُمَا بِتَأۡوِيلِهِۦ قَبۡلَ أَن يَأۡتِيَكُمَاۚ ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّيٓۚ إِنِّي تَرَكۡتُ مِلَّةَ قَوۡمٖ لَّا يُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُم بِٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ كَٰفِرُونَ ٣٧ وَٱتَّبَعۡتُ مِلَّةَ ءَابَآءِيٓ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَۚ مَا كَانَ لَنَآ أَن نُّشۡرِكَ بِٱللَّهِ مِن شَيۡءٖۚ ذَٰلِكَ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ عَلَيۡنَا وَعَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَشۡكُرُونَ ٣٨ [يوسف: 37، 38].

يقول عليه السلام هجرت طريق الكفر والشرك الذي عليه الكفرة والمشركون، وسلكت طريق هؤلاء المرسلين، فصار سببًا في هداية الله لي وتعليمه إياي، وهكذا يكون حال من سلك طريق الهدى وترك طريق الضلال، وهكذا يكون الصالحون خلفًا لمن سلف، يكون الآباء قدوة لأبنائهم في الخير، وتكون الذرية تبعًا لهم في ذلك في سلسلة متصلة تسير إلى الجنة على هدى ونور.

ولكن المصيبة إذا فسد الآباء وكانوا قدوة سيئة لأولادهم في الضلال كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَآ أَلۡفَيۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآۚ أَوَلَوۡ كَانَ ءَابَآؤُهُمۡ لَا يَعۡقِلُونَ شَيۡ‍ٔٗا وَلَايَهۡتَدُونَ [البقرة: 170].


الشرح