قال تعالى: ﴿وَإِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ﴾ [الأنبياء: 35] أي
فنجازيكم على مواقفكم من هذه الأحوال، فمن وقف منها موقف المؤمن واتقى الله في كل
حالة نال المثوبة، ومن أساء نال العقوبة، وبهذا تتبين وتتضح حكمة الله في خلقه
وأمره، فهو سبحانه خلق هذه المتضادات وجعلها تمر على الإنسان ليمتحنه بها هل يصبر
ويشكر أو يجزع ويكفر ويتكبر ويبطر، خلق الجوع والمرض والفقر والخوف والمصائب، وخلق
الأشرار والفجار والمنافقين والكفار وخلق الشياطين والمفسدين، وخلق الغنى والصحة
والأمن والنِّعَم والسرور والفرح، وخلق الأخيار والأبرار والملائكة والأنبياء
والمرسلين والأولياء والمتقين، وأمر بالبر والتقوى والعدل والإحسان، ونهى عن
الفحشاء والمنكر والبغي والطغيان، وعن الكفر والفسوق والعصيان، وأعطى الإنسان
عقلاً وإرادةً ومشيئة وقدرة واختيارًا ليتمكن من فعل الخير بإرادته وفعل الشر
بإرادته كذلك بعدما بين له السبيل وأقام له الدليل. ﴿إ إِنَّا
خَلَقۡنَا ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٍ أَمۡشَاجٖ نَّبۡتَلِيهِ فَجَعَلۡنَٰهُ
سَمِيعَۢا بَصِيرًا ٢ إِنَّا
هَدَيۡنَٰهُ ٱلسَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرٗا وَإِمَّا كَفُورًا ٣ إِنَّآ أَعۡتَدۡنَا لِلۡكَٰفِرِينَ سَلَٰسِلَاْ وَأَغۡلَٰلٗا
وَسَعِيرًا ٤ إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن
كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ٥ عَيۡنٗا
يَشۡرَبُ بِهَا عِبَادُ ٱللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفۡجِيرٗا ٦﴾ [الإنسان: 2- 6].
إنَّ الإنسان تجاه الابتلاء بهذه المكاره والمشتهيات، وأمام دعاة الخير ودعاة الشر، وأمام نوازعه وميوله النفسية لا بد أن يكون له موقف وانحياز، إما إلى الخير وإما إلى الشر. وسيكون جزاؤه عند الله على حسب ذلك الانحياز قال تعالى: ﴿إِنَّ سَعۡيَكُمۡ لَشَتَّىٰ ٤ فَأَمَّا مَنۡ أَعۡطَىٰ وَٱتَّقَىٰ ٥ وَصَدَّقَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٦ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ ٧ وَأَمَّا مَنۢ بَخِلَ وَٱسۡتَغۡنَىٰ ٨ وَكَذَّبَ بِٱلۡحُسۡنَىٰ ٩ فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡعُسۡرَىٰ ١٠﴾ [الليل: 4- 10].
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد