×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الثالث

ويفيد؛ لأن كفر النعم يعرضها للزوال ويعرض من كفرها للعقوبة في الدنيا والحساب الشديد في الآخرة؛ لأن الإنسان لم يُعْطَ هذه النعم إلا بثمن، وثمنها هو شكرها وصرفها في طاعة الله، ثم أيضًا هذه النعم إنما تُعطى للعبد من أجل الابتلاء والامتحان. قال تعالى: ﴿وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَيۡرِ فِتۡنَةٗۖ وَإِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ [الأنبياء: 35].

فقيّدوا نعم الله -أيها الناس- بشكر المُنعِم واعتبروا بمن حولكم مِمَّن سُلبت منهم هذه النعم، فبُدِّلوا بالأمن خوفًا، وبالشبع جوعًا، وبالصحة أوجاعًا. كما قال تعالى: ﴿وَضَرَبَ ٱللَّهُ مَثَلٗا قَرۡيَةٗ كَانَتۡ ءَامِنَةٗ مُّطۡمَئِنَّةٗ يَأۡتِيهَا رِزۡقُهَا رَغَدٗا مِّن كُلِّ مَكَانٖ فَكَفَرَتۡ بِأَنۡعُمِ ٱللَّهِ فَأَذَٰقَهَا ٱللَّهُ لِبَاسَ ٱلۡجُوعِ وَٱلۡخَوۡفِ بِمَا كَانُواْ يَصۡنَعُونَ [النحل: 112]. وبعض الشباب يستغل هذه العطلة في السفر إلى الخارج لقضائها في الفساد وإعطاء نفسه ما تشتهي من الشهوات المحرمة والأفعال الخبيثة، وهذا أشد جرمًا، وأعظم إثمًا. ومثل هذا يجب الأخذ على يده من قبل أوليائه أولاً ثم من قبل الحكومة بأن لا تمنحه جواز السفر؛ حفاظًا عليه وعلى دينه وحفاظًا على المجتمع من شره إذا سافر وعاد إليه ملطخًا بجرائمه، ولئلا يكون قدوةً سيئةً لغيره من الشباب.

لا مانع أن الإنسان يتمتع بنعم الله، ويلذذ نفسه في حدود المباح الذي لا يلهي عن ذكر الله، ومن غير إسراف ولا إفساد، لا مانع أن الإنسان يخرج للبر لأجل النزهة ولكن مع المحافظة على طاعة الله، وأداء الصلاة مع الجماعة في أوقاتها، واختيار الجلساء الصالحين الذين يعينونه على طاعة الله ويبصرونه بطريق الخير، والله سبحانه وتعالى يقول: ﴿يَٰبَنِيٓ ءَادَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمۡ عِندَ كُلِّ مَسۡجِدٖ وَكُلُواْ وَٱشۡرَبُواْ وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ 


الشرح