الأمر الأول: الدعاء مع الرجاء
وهو في قوله: «إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا
كَانَ مِنْكَ وَلاَ أُبَالِي» ففيه أنه لا بد من الجمع بين الدعاء ورجاء
الإجابة، فلو دعا بدون رجاء لم يستجب له؛ لأن ذلك قنوط من رحمة الله، والقنوط من
رحمة الله ضلال كما قال تعالى: ﴿وَمَن يَقۡنَطُ مِن رَّحۡمَةِ رَبِّهِۦٓ إِلَّا ٱلضَّآلُّونَ﴾ [الحجر: 56]، وإن
رجا بدون دعاء لم ينفعه هذا الرجاء لأنه لم يفعل السبب الذي يحصل به المطلوب،
والله قد ربط الأمور بأسباب لا بد من فعلها. ومن تركها كان عاجزًا مهملاً كما قال النبي
صلى الله عليه وسلم: «وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا،
وَتَمَنَّى عَلَى اللهِ الأَْمَانِيَّ» ([1]). وفي قوله: «غَفَرْتُ
لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلاَ أُبَالِي» ([2]) بيان سعة مغفرة
الله، وأنه مهما كثرت ذنوب العبد فإن الله يغفرها له ولا يتعاظم كثرتها؛ لأنه
سبحانه لا يتعاظمه شيء ما دام العبد قد أتى بسبب المغفرة. أما من يكثر من الذنوب
ويترك التوبة اعتمادًا على سعة مغفرة الله وعفوه فإنه خاسر لأنه أمن مكر الله،
والله تعالى يقول: ﴿أَفَأَمِنُواْ
مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ﴾ [الأعراف: 99] ومكر
الله سبحانه هو استدراجه للعاصي ثم أخذه بالعقوبة على غِرَّة وغفلة، قال الحسن
البصري رحمه الله: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وَجِل خائف، والفاجر يعمل
بالمعاصي وهو آمن.
الأمر الثاني: مما تضمَّنه الحديث بيان أن الاستغفار (وهو طلب المغفرة) لا يُبقي من الذنوب شيئًا، بل يمحوها ولو كبر حجمها وبلغ
([1]) أخرجه: الترمذي رقم (2459)، وابن ماجه رقم (4260)، وأحمد رقم (17123).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد