×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

قال الإمام ابن القيم رحمه الله: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعزية أهل الميت، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء ويقرأ له القرآن لا عند قبره ولا غيره، وكل هذا بدعة حادثة مكروهة، وكان من هديه السكون والرضا بقضاء الله، والحمد لله والاسترجاع، ويبرأ ممن خرق لأجل المصيبة ثيابه، أو رفع صوته بالندب والنياحة، أو حلق لها شعره.

وكان من هديه أن أهل الميت لا يكلفون الطعام للناس، بل أمر أن يصنع الناس لهم طعامًا يرسلونه إليهم، وهذا من أعظم مكارم الأخلاق والشيم والحمل عن أهل الميت، فإنهم في شغل بمصابهم عن إطعام الناس.

وكان من هديه صلى الله عليه وسلم ترك نعي الميت، بل كان ينهى عنه، ويقول هو عمل الجاهلية، وقد كره حذيفة أن يعلم به أهله الناس إذا مات، وقال: أخاف أن يكون من النعي، فهذا الذي حذر منه ابن القيم يفعله كثير من الناس اليوم يجتمعون للعزاء، ويعلنون عن مكانه في الصحف، وبعضهم يهيئون مكانًا لاجتماع الناس، ويصنعون الطعام، ويستأجرون المقرئين، وقد روي الإمام أحمد عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة، ورجال إسناده ثقات.

فلا ينبغي جلوس المصاب في مكان لأجل العزاء، بل يخرج لعمله كعادته قبل المصيبة، ومن لقيه في طريقه فإنه يعزيه التعزية المشروعة، أو في أي مكان.

ويذكر أنه في بعض الجهات يأتي الناس من بعيد وقريب لأجل التعزية، ويأتون معهم بأغنام وأكياس من الطعام تجمع عند المصاب


الشرح