الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جعل
الدنيا مزرعةً للآخرة، وحث على اغتنام أوقاتها قبل فواتها وقبل الوقوع في الصفقة
الخاسرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنعم علينا بنعمه الباطنة
والظاهرة، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المؤيد بالمعجزات الباهرة، صلى الله عليه
وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده حتى أصبحت ملة نبيهم هي الملة
الظاهرة، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى،
واعلموا أنه كما تبقي آثار الأعمال الصالحة ويجري نفعها للعامل بعد موته، فكذلك
الأعمال السيئة يبقي شرها ويجري ضررها على عاملها بعد وفاته، كما جاء في الحديث: «وَمَنْ
سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا
مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» ([1]) وقال الله تعالى: ﴿لِيَحۡمِلُوٓاْ
أَوۡزَارَهُمۡ كَامِلَةٗ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ وَمِنۡ أَوۡزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُم
بِغَيۡرِ عِلۡمٍۗ أَلَا سَآءَ مَا يَزِرُونَ﴾ [النحل: 25].
فالذي يورث للناس
العلوم الفاسدة والعقائد الباطلة يناله من شرها وعقوبتها بقدر ما يحصل بسببها من
ضلال.
والذي يؤلف الكتب المنحرفة، أو ينشرها بين الناس يناله من إثمها ويجري عليه شرها ما بقيت هذه الكتب تتداول بأيدي الناس، ومثله الذي يسجل الأغاني الماجنة والأفلام الخليعة، والذي يُوجِدُ
الصفحة 1 / 505
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد