الخطبة الثانية: في فضل مسجد رسول
الله صلى الله عليه وسلم وحرم المدينة الحمد لله رب
العالمين، فَضلَ مسجد رسولِهِ المصطفى، وأخبر أنَّهُ أوَّلُ مسجدٍ أُسس على
التَّقوى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريك لهُ، له الأسماء الحُسنى،
وأشهدُ أن محمدًا عبدهُ ورسولهُ صاحبُ الحوض المورود والشفاعة العُظمى، صلى الله
عليه وعلى آله وأصحابه الذين تمسَّكوا من الإسلام بالعُروةِ الوُثقى، وسلم تسليمًا
كثيرًا.. · أمَّا بعد: أيُّها الناس: اتقوا الله تعالى،
واعلموا أن زيارة المسجد النبوي للصلاة فيه مشروعةٌ، وفيها فضلٌ عظيمٌ، فهو أحد
المساجد الثلاثة التي يسافر إليها للصلاةِ فيها، والصَّلاةُ في المسجد النَّبويِّ
خيرٌ من ألفِ صلاةٍ فيما سواهُ من المساجد الحرام، كما ثبت بذلك الحديث عن النبي
صلى الله عليه وسلم فيُصلي فيه الزائر ما تيسر له من غير تحديد. وزيارته تُشرع في
كلِّ وقتٍ قبل الحجِّ وبعده، ولا علاقة لها بالحجِّ، وإنَّما هي عبادةٌ مستقلةٌ
غيرُ مؤقتة بوقتٍ مُعيَّن، وليس في المدينة مسجد يُزارُ للصَّلاة فيه إلا مسجد
قُباء، فتُستحبُّ زيارته للصَّلاة فيه لمن كان في المدينةِ أو قدِمَ إليها. وقد حرَّم النبيُّ
صلى الله عليه وسلم المدينة كما حرَّم إبراهيم عليه الصلاةُ والسلامُ مَكَّة،
وحرمُها مِنْ الشمالِ إلى الجنوبِ ما بينَ عيرٍ إلى ثورٍ، وهُما جبلانِ معروفان،
ومن الشرق إلى الغرب ما بين الحرَّتين الشرقية، والغربية، في «الصَّحيحين» عن
عليَّ رضي الله عنه مرفوعًا: «الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ
الصفحة 1 / 505
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد