الحمد لله على نعمه
الباطنة والظاهرة، جعل الله الدنيا مزرعةً للآخرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، له الحمد في الأولى والآخرة، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المؤيَد
بالمعجزات الباهرة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه نجوم الهدى الزاهرة وسلم
تسليمًا كثيرًا..
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى
وتأملوا في دنياكم وسرعة زوالها، وتغير أحوالها، فإن ذلك يحملكم على عدم الاغترار
بها، ويحفزكم على اغتنام أوقاتها قبل فواتها، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله:
فإن ضعفت النفس عن ملاحظة قصر الوقت وسرعة انقضائه، فليتدبر قوله عز وجل: ﴿كَأَنَّهُمۡ يَوۡمَ
يَرَوۡنَ مَا يُوعَدُونَ لَمۡ يَلۡبَثُوٓاْ إِلَّا سَاعَةٗ مِّن نَّهَارٍِۢۚ} [الأحقاف: 35]،
وقوله عز وجل: ﴿قَٰلَ
كَمۡ لَبِثۡتُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ عَدَدَ سِنِينَ
١١٢ قَالُواْ لَبِثۡنَا يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖ فَسَۡٔلِ ٱلۡعَآدِّينَ ١١٣ قَٰلَ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا قَلِيلٗاۖ لَّوۡ أَنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ
١١٤} [المؤمنون: 112-
114]، وقوله عز وجل: ﴿يَوۡمَ
يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِۚ وَنَحۡشُرُ ٱلۡمُجۡرِمِينَ يَوۡمَئِذٖ زُرۡقٗا ١٠٢ يَتَخَٰفَتُونَ بَيۡنَهُمۡ إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا عَشۡرٗا ١٠٣ نَّحۡنُ أَعۡلَمُ بِمَا
يَقُولُونَ إِذۡ يَقُولُ أَمۡثَلُهُمۡ طَرِيقَةً إِن لَّبِثۡتُمۡ إِلَّا يَوۡمٗا ١٠٤} [طه: 102- 104].
وخطب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه يومًا، فلما كانت الشمس على رؤوس الجبال، وذلك عند الغروب، قال: «إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الدُّنْيَا فِيمَا مَضَى مِنْهَا إِلاَّ كَمَا بَقِيَ مِنْ يَوْمِكُمْ هَذَا فِيمَا مَضَى مِنْهُ» ([1]).
الصفحة 1 / 505
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد