الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي جعل
لنا من أمرنا رشدًا، ونهانا أن تخذ المضلين عضدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له، لم يتخذ صاحبةً ولا ولدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أرسله بدين
الحق والهدى، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا دائمًا ومستمرًا
أبدًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى،
واعلموا أن عداوتنا للكفار ووجوب بغضنا لهم وما يتبع ذلك من الامتناع عن مظاهر
موالاتهم التي سبق بيانها، فإننا مع ذلك لا يجوز لنا أن نظلمهم أو نجور عليهم في
الحكم، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ
لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ
تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8] وقال تعالى: ﴿وَإِنۡ حَكَمۡتَ فَٱحۡكُم
بَيۡنَهُم بِٱلۡقِسۡطِۚ﴾ [المائدة: 42].
وكذلك عداوتنا لهم
لا تمنعنا من عقد المعاهدات معهم والاتفاقيات التي هي في صالح المسلمين، ولا من
التعامل التجاري معهم واستيراد ما يحتاجه المسلمون من منتجاتهم، ولا البيع والشراء
معهم ومشاركتهم في حدود ما تبيحه الشريعة الإسلامية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يستدين من اليهود، وكذلك لا يمنع بغضنا لهم من مكافأة من أحسن منهم إلينا، قال
تعالى: ﴿لَّا
يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ
يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ
ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8] وهذا من باب المكافأة والعدل لا من باب
المحبة والموالاة لهم.
الصفحة 1 / 505
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد