الحمدُ لله الذي جعل
الأوقات مواسم للطاعات، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له في ربوبيَّته
وإلهيَّته وما له من الأسماء والصفات، وأشهدُ أنَّ مُحمدًا عبدُهُ ورسولهُ، حثَ
على اغتنام مواسم الخير قبل الفواتِ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذينّ
يسارعونَ في الخيرات وسلَّم تسليمًا كثيرًا..
· أمَّا بعد:
أيُّها الناس: اتقوا الله تعالى،
واحفظوا أوقاتكم بفعلِ ما شرع فيها من الطَّاعات، لتجدوا ثوابها مُدخرًا، وأجرها
موفرًا، ولا تكونوا ممّن ضيَّعوا أوقاتهم، فيتحسرونَ عند مماتهم، كما قال الله
تعالى: ﴿حَتَّىٰٓ
إِذَا جَآءَ أَحَدَهُمُ ٱلۡمَوۡتُ قَالَ رَبِّ ٱرۡجِعُونِ﴾ [المؤمنون: 99].
فيقال لهُ: (كَلاَّ)
أي: لا رجوع إلى الدُّنيا بعد المماتِ، وما تتمناهُ قد فات وهكذا عباد الله لا
يزالُ فضلُ اللهِ عليكُم يتوالى، فما أن انقضى شهرُ الصِّيام حتَّى أعقبتهُ أشهُر
الحجِّ إلى بيت الله الحرام.
فكما أنَّ من صام
رمضان وقام غُفِرَ لهُ ما تَقدَّم من ذنبه، فمن حجَّ البيت ولم يرفُث ولم يفسق رجع
من ذنوبه كيوم ولدتهُ أُمُه.
فما يمضي من عمر المؤمن ساعةٌ من السَّاعات إلا ولله فيها وظيفةٌ من وظائفِ الطاعاتِ، وكلُّ وقتٍ يخليه العبدُ من طاعة الله فقد خسرهُ، وكلُ ساعةٍ يغفُل فيها عن ذِكرِ الله تكونُ عليه يومَ القيامة حسرةٌ وتِرةٌ، ومن عمل طاعةٌ من الطاعات فعلامة قبولها أن يصلها بطاعةٍ أخرى، وعلامة ردُّها أن يتبعها بمعصيةٍ تكونُ عاقبتها خُسرًا، وما أحسنَ الحسنة
الصفحة 1 / 505
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد