الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي أرسل
رسوله بالهدى وأنزل عليه آياتٍ بيناتٍ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
في ربوبيته وإلهيته وما له من الأسماء والصفات، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله
المؤيد بالمعجزات الباهرات، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ذوي المناقب الظاهرة
والكرامات، وسلم تسليمًا كثيرًا...
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى،
وتعلموا من العلم ما يستقيم به دينكم، قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ
اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» ([1]).
فقد دل هذا الحديث
على أن الذي لا يفقه أمور دينه فإن ذلك دليلٌ على أن الله لم يرد له خيرًا، ولو
تعلم العلوم الدنيوية وتبحر فيها؛ لأنها علومٌ معاشيةٌ فقط لا تستحق مدحًا ولا
ذمًا، وقد وصف الله سبحانه أصحابه بأنهم لا يعلمون فقال: {وَعۡدَ ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ
ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ ٦ يَعۡلَمُونَ
ظَٰهِرٗا مِّنَ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُمۡ عَنِ ٱلۡأٓخِرَةِ هُمۡ
غَٰفِلُونَ ٧} [الروم: 6، 7].
فأكثرهم ليس لها
علمٌ إلا بالدنيا وشئونها، فهم فيها حذاقٌ أذكياءٌ، وهم غافلون عن أمور الدين وما
ينفعهم في الآخرة.
قال الحسن البصري: والله ليبلغ أحدهم بدنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره، فيخبرك بوزنه وما يحسن أن يصلي، وقد نفى الله عنهم العلم، مع أنهم يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا، فدل على أن ذلك
الصفحة 1 / 505
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد